الفصل الواحد والثلاثون

41.4K 1.2K 102
                                    


نظرت بصمت لمياه المسبح في الاسفل .. وبإنطفاء الانوار او بالاحري الاضواء الخافتة من حولها ظهرت مُظلمة الي حد كبير.. ليست تلك المشرقة بلونها الازرق السماوي ..
بل مُظلمة.. ككل شئ هنا ..
- ايه بتفكري ترمي نفسك!
رمشت علي صوته الهازئ من خلفها وتقدم منها متابعاً سخريته
- في طرق للانتحار فعالة عن كده
تنهدت بصمت وليس لها طاقة لاي شئ .. تريد الصمت
فقط الصمت وتذكر وجه اخيها
- تيجي نزق بابي في المية
تذكرت همسها الغاضب بعدما ضربها ابيها ليصرخ به اياس برغم طفولته خارجاً بها للحديقة عله يزيح عنها الحزن والبكاء
- اكيد مينفعش دا كبير وممكن يرمينا احنا الاتنين
وقتها زمت شفتيها بغضب من عجزها عن الانتقام ليهمس إياس لها
- بس ممكن نلاقي طرق تانية احسن
وقتها ابتسمت بسعادة محتضنة رقبته بقوة بينما الان ابتسمت بمرارة مبتلعة ريقها
وقطب يمان جبينه ناظراً لرد فعلها الغريب !
- ايه المعلومة قديمة ولقيتي طريقة تانية فعلا ؟!
تنهدت مُلتفة يميناً حيث وقوفه لتعقد ذراعيها امام صدرها ناظرة لعيناه اللامعة في الظلام المحيط
وكان سيتحدث لكنه صمت ناظراً لها ولنظراتها اليه حتي سألته بهدوء وحتي دون اي تعبير حي
- هتستفيد ايه ؟!
تغضن جبينه بعدم فهم وتابعت مُقتربة خطوة واحدة
- انت فاكر انك هتكسرني بالطريقة دي ؟!
- فاكر انك هتخليني اتمني الموت مثلا؟!
لم يُجيب وظلت تتنقل بين عينيه متابعة
- علي فكرة .. انت مريض نفسي
رمش بنهاية جملتها وتابعت ناظرة لحلقه عندما ابتلع ريقه قبل أن تعود مجدداً لعينيه
- بس اللي انت متعرفهوش اني اتعاملت مع مرضي حالتهم اسوء منك بكتير.. زي بابا مثلا.. فكل اللي بتعمله دا انا ولا شيفاه ولا مأثر فيا
ابتسمت بهدوء وتقدمت اخر خطوة فاصلة بينهم
- انا لو حزينة ومكسورة فهو عشان اخويا.. عشان خايفة عليه .. لا عشانك ولا عشان ندالتك وحقارتك .. خلي الكلام دا في بالك .. طيب؟!
ومع اول خطوة في ذهابها عادت مجدداً امامه بعدما جذبها بعنف من ذراعها ليهمس بسخرية
- كان شو حلو .. بس مدخلش عليا للاسف..
اه بالمناسبة ابقي حاولي تسيطري علي هلوستك بليل وانتِ نايمة.. يعني عشان تباني قوية وتعرفي تمثلي انك مش مدمرة
ابتلعت ريقها بدموع ناظرة له بقوة وتابع مقترباً من وجهها
- لو كنتِ راكزة ومؤدبة كنت سقفت لإياس .. بس للاسف معرفش يربي !..
حتي في دي.. فشل!
انهي حديثه طابعاً قُبلة باردة فوق شفتيها الباهتة ليخرج تاركاً إياها تحترق بجحيمها|
وفقط لتفكر في أذيته مجدداً..
فقط لتفكر في السخرية منه وهو سيُريها قدرها جيداً!!
*********************

فتح باب الشقة دالفا للداخل وقد قرر العودة للصعيد وتركها هنا..
لن يتحمل تلك الحياة ولكن إلي أين يذهب في الصعيد..
هل لتسؤلات عمه المستغربة من سفره المفاجئ ام من تساؤلات والدته القلقة عليه وعلي ما حدث بينه وبين تولين من خلاف كما اخبرتها روسيل
أم الي نظرات صفية الحاقدة واسلوبها المستفز.
قضب جبينه ناظرا حوله من الهدوء وذهب للغرفة مصدوما من فكرة نومها إلي الان وقد مر عليه في الخارج اكثر من ثمان ساعات حتي ان نور الصباح بدأ بشق الكون!
- تولي...
ناداها وصمت رامشا من نومها حقا وحتي عدم تحركها ومازلت هي والفراش علي حطة يده كما يقال!!
نظر لوجهها الشاحب بإستغراب من حركة جفونها وكأنها تري حلما ما !
وعقدها لحاجبيها وحركة اصابعها المرتعشة خير دليل ..
كانت وكأنها تحاول رفع يدها او الاشارة لاحد ما..
وبالفعل كان عقلها الباطن ينظر لتلك المرأة صاحبة الثوب الابيض المتطاير قبل أن تترك نفسها في الهواء لتسقط كورقة في مهب الريح..
ارتجفت شفتيها بحركة تردد ماما رغم انها في الحقيقة كانت تحاول الهمس بحرف الميم فقط لكن كترة اعادته كونت ماما دون قصد!!
مالت برأسها في محاولة للهرب من الصراخ او..
او كان صوت مياه.. هل هياج امواج!
هل سقطت المرأة في البحر !
حركت رأسها برعشة لا تري جيداً.. كل شئ ابيض من حولها وها هي المرأة تخرج مجددا من الشرفة لتسقط.. مشهد يتكرر بإستمرار ويخفق قلبها بإنقباض
وكأنها تراه للمرة الاولي!!
- تولين
قصف قلبها بذهول ولاول مرة يختلف المشهد يوجد صوت اتي من الخلف..
هل هو في شرفة الغرفة معهن!!..
تراجعت بخطوات مرتعشة تنظر بين صاحبة الثوب وقد اخفت خصلاتها المتطايرة من حول رأسها جميع ملامحها لتعود ناظرة للداخل حيث المكان المظلم والصوت!
- تولين فوجي
توقف كل شئ للحظة ورمشت بدوار شديد مستيقظة حقا
اغمضت عينيها بألم سيطر علي انفها من الاعلي وعينيها وكأن إرتطدمت بوجهها في شئ صلب
- تولين
ناداها عثمان بخشونة رغم قلق نبرته وكانت دقات قلبه قد بدأت بالركض من عدم اجابتها وفكرة نومها الي الان من الاساس!
- جومي.. سمعاني
فتحت عينيها مبتلعة ريقها بصعوبة وعقلها مازال شاردا وكأنه تعطل لساعات طويلة يكرر مشهد واحد
مشهد يضغط صدرها بقوة!
ابتعد من شعوره بوعيها وحاولت هي التحرك تشعر بالاختناق الشديد وكأنها داخل غرفة مغلقة منذ ايام!
- كل ده نوم.. ايه فاكرة نفسك فين!
لم تسمعه من الاساس ومازال صوت عقلها مشوش بين اصوات كثيرة لا تعرفها ولا تسمعها بوضوح..
اعتدلت بعد محاولات عدة سقطت خلالهما للخلف فوق ظهرها ثلاثة مرات بينما هو قد خرج من الغرفة بضيق
اغمضت عينيها بقوة شاعرة بتحرك كل شئ من حولها وبمجرد نهوضها وسيرها خطوتان حتي سقطت ارضا بقوة
نظرت للامام ولفراغ الغرفة المهتزة بها وكأن زلزال يحدث
وحقا كان يحدث ولكن داخلها!..
هي المهتزة دون شعور.. حتي المتمايلة بترنح فاقد للاتزان
مالت للامام مستندة مرفقيها فوق الارض لتضغط كوعيها محاولة النهوض في محاولات لتجنب لمس شئ بديها واحدهما مجبرة دون جدوي بينما الاخري متورمة تعطيها صعقة كهربية إن تلامست دون قصد مع اي شئ وما كان يجب أن يظل الزجاج داخل اصابعها كأجسام غريبة سببت التهاب شديد!
ابتلعت ريقها بصعوبة معتدلة في استناد علي الحائط المائل وبمجرد ما وصلت للباب حتي سقطت بقوة وكأنها تحت تأثير مخدر ما
وبسقطتها القوية عند الباب انتفض في جلسته فوق الاريكة كما انتفض قلبه ولم تبدل ثوبها الممزق من الاعلي ومهدل من الاسفل وكأنه لامرأة اكبر منها بكثير!
شهقت بإختناق تعافر لتتنفس وكأن الاكسجين معدوم من حولها ومالت تريد النهوض والاسراع لاي مكان مفتوح تتنفس منه قبل أن تختنق
قضب جبينه من ميلها فوق الارض ووضعها لجبهتها ارضا وكأنها تسجد قبل أن تحاول النهوض بطريقة غريبة
- في ايه مالك؟..
سألها بغضب من قلقه ولم تُجيب ولم تسمعه حتي انها لا تراه وكأنه لم يمر في حياتها..
لا تعرف اين هي وماذا حدث فقط تريد هواء..
هواء ليس إلا!
- اتعدلي
هتف بها جاذبا ذراعها من الاعلي وتوقفت كخرقة بالية لتميل دون شعور نحوه كطفل تعلم لتوه الوقوف ولا يستطيع السير او الاتزان بعد!
- اثبتي اجده.. في ايه!
زعق بها وضربات قلبه في ازدياد من حالتها
ورفعت رأسها بصعوبة تبحث عن مكان تخرج منه
- بتخنق
همست بيأس مرتجف وخفق قلبه متملكاً من جسدها الذي يحارب ليسقط تحت قدميها الهلامية
- بتتخنجي من ايه.. في ايه؟!
سألها ولم تُجيبه مائلة نحوه مرة اخري ليعدل من وقفتها ممسكا بكتفيها
- ما تنطجي.. مالك؟
رمشت ناظرة له ويقسم انه رأي دهشتها اللحظية من وجوده
وهمستها المصدومة خير دليل
- عثمان!
همست بنبرة مبحوحة ناظرة له بهزل
وقضب جبينه بضيق متأملاً وجهها الذابل بخلاف تورمه والوانه المدمجة بين الاحمر والبنفسج
- بتخنق
همست مستنجدة ورمش متذكرا همسة ممائلة بنفس الطريقة والشحوب قبل أن يحملها في المشفي سائراً بها للخارج، وتلقائيا ذهبت نظراته للشرفة المغلقة تحت ميلها نحوه لتستقر بجبهتها وسط صدره وكأنها تشعر بالنعاس او تحت تأثير مخدر ما
ابتلع ريقه وابتعد ليلتقط عبائته من فوق المقعد ولكنه تصلب مصدوماً بسقطتها القوية ارضاً .. خفق قلبه جاذباً العبائة ليقترب خافياً جسدها بها
تنهد فاتحاً باب الشرفة وعاد اليها مجدداً حتي مال حاملاً جسدها بقوة من فوق الارض
- اجده في هوا؟!
سألها بقلق مما يحدث معها وعلي الاغلب تلك حالة ملازمة تأتيها من حين لاخر!
اغمضت عينيها بوهن وقد مالت برأسها فوق كتفه لا تشعر بشئ غير نسمات الهواء الباردة
ابتلع ريقه بقوة وصدره يتضخم اسفل رأسها ولا يعلم لما خرج بها من الاساس
أليس من الافضل تركها لتختنق ..
ماذا إن كانت تدعي لتتقرب منه ولكن كيف وشحوبها يكون واضح ومستحيل ادعائه !
نفخ بضيق ناظراً للفراغ امامه وها هو نفس المشهد يتكرر ..
يتوقف حاملاً جسدها بين ذراعيه في انتظار الاميرة لتنتهي من التنفس !!
***********************

خيوط عشقكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن