الفصل الثامن والاربعون

42.7K 1.2K 148
                                    


- تولين
هتف بإسمها منحنيًا عليها من سقوطها المفاجئ بينما كانت هي تشهق بإختناق
اغمضت عينيها بقوة وصوت من الذاكرة علي هيئة همسات يسيطر عليها
- مالك في ايه؟! 
سألها بقلق محيطًا وجهها ليسمي عليها بإرتباك
- بسم الله الرحمن الرحيم..  مالك جوليلي في ايه؟!
نظرت له بنهيج وجذبها لصدره لينهض بها مطمئنا
- متخافيش مفيش حاجة بإذن الله تعالي نشوف دكتور
ابتلعت ريقها بشفاه مرتجفة واسرع بها يشعر بشحوبها والمقلق في الامر أن ما حدث حدث بلا سبب..
او كما يظن!
وفي الرواق كانت جمان صامتة بشرود كما موسي المذهول مما قالته
وكيف تكون تولين ابنة خالة جمان!
كيف تلك قريبة تلك..
لما لم تخبر عثمان بالحقيقة وماذا يحدث معها..
- جمان
ناداها ونظرت له بإهتزاز وكأنها لا تستوعب بينما عقلها يطرح فكرة كون تلك ليست تولين نفسها..
وماذا إن كانت آخرى والدليل عدم معرفتها بها وحتي عدم تفاجئها منها..  فقط ارتبكت من نظراتها وسارت دون النظر خلفها ولو لمرة واحدة!
- متقوليش لعثمان حاجة.. مش عاوزين نوقعها في مشاكل ياجمان وكمان احنا منعرفش عقلية عثمان.. اه هو جدع وراجل بجد ومحترم بس برده منقدرش نعرف طبعه واسلوبه..
ابتلعت ريقها بصمت وتابع محذرًا يخشي بوحها بشئ وتوريط تولين
- عثمان راجل صعيدي يا جمان.. عارفة يعني ايه صعيدي
قضبت جبينها ورمشت بصدمة ومؤكد ليست هي تولين وكيف لصعيدي أن يجدها ليست بكر ويُكمل معها
- لو تولين هربانة من حاجة في الماضي بتاعها او حصلها حاجة وقت المدرسة عثمان ممكن ميتفهمش دا.. بلاش نأذيها تمام؟
مسحت وجهها تحاول التركيز وعادت ناظرة لوجهه بتفكير
- غالبا مش هي نفسها
رمش بعدم فهم واومأت بإقتناع ومستحيل أن تكون هي بعد كل ما حدث
- تقريبا شبه تولين بنت خالتي..  هي معرفتنيش اصلا وبعدين تولين ضايعة من اكتر من عشرين سنة والبنت دي مبصتليش تاني ومدام اللي معاها جوزها وصعيدي فمستحيل تكون هي تولين نفسها
تنقل بين عينيها واومأ مدعيًا الاقتناع ويعلم جيدًا انها نفسها.. 
لم يربط الخيوط من الاساس الا بسبب تعب صغيرته وتشتتها ولكن يظل الافضل عدم معرفة جمان بالامر حتي لا تتسبب بشئ يأذي احد الاطراف
******************

نهضت تفرك رأسها ووجهها بينما عينيها تبحث عنه، جلست في الخارج بأنين من تشنج قدميها اثناء نومها ولا تعرف متي نهض واين ذهب
ابتلعت ريقها ناظرة لساعته الملقاه فوق الطاولة والتقطتها بهدوء تنظر لها بصمت
لا تعلم ماذا تشعر نحوه وكيف يسيطر عليها لكن لديه قوة جذب غريبة لها
ابتسمت بشرود وعينيه الزيتونية تلمع في مخيلتها وكم راق لها اكتفائه بإحتضانها فقط
كم راق لها تفهمه لكل شئ وهدوء تصرفاته
مسحت وجهها بإختناق ولا تعلم لما مجرد ما يبتعد عنها تفكر بكل هذا التشاؤم وحقا ماذا إن لم تعد ذاكرتها
نعم الاطباء يساعدونها وبالفعل تخطت طريق طويل في علاج الادمان والغضب المستمر ولكن لم تتعافي تماما..
مازالت تحتاج الجرعة كما تشعر الان.. 
تحتاج شئ وشعور الوحدة والملل يضاعف من ذلك الاحتياج المجهول
اغمضت عينيها فاركة قدميها بألم وارتخت في جلستها حتي رمشت ناظرة لصوت انفتاح الباب وعلي الاغلب ذهب لتفقدها في الغرفة اولا من صوت تحرك خطواته
- ميان!..
ناداها بهدوء دالفًا للصالون ووجدها فوق الاريكة جالسة بتمدد صامت
- صحيتي امتي؟! 
سألها جالسا واعتدلت ناظرة له بضيق وكم تكره خروجه وتركها حتي دون اخبارها!
- مالك؟! 
سألها وانفجرت بعصبية من تصرفاته الهادئة وقد وضع هاتفه ومفاتيح سيارته كما خلع ساعته الاخرى
- هو انت حابسني هنا؟! 
نفي دون غضب من نبرتها وتابعت بضيق من بروده
- اومال ليه مش بخرج..  انت بتقوم وتروح وتيجي وانا لا..  دايما مرمية هنا ومعرفش عنك حاجة
- عاوزة تعرفي ايه؟!
رمشت من سؤاله الهادئ وكأنها لا تتحدث بغضب من الاساس!
وقبل أن تتابع قاطعها بسؤال آخر هادئ كسابقه
- ولا مش محبوسة..  عاوزة تروحي فين؟! 
ابتلعت ريقها وصمتت وماذا عساها أن تقول وقد سحب منها كل ذرة غضب وضيق!
- عاوزة اعرف بتروح فين كتير وليه بتسبني لوحدي وعاوزة...
صمتت لا تعلم ماذا تريد ايضا ونهض هو جالسًا علي نفس اريكتها ولكن عند النهاية لتشهق بإرتباك من جذبه لقدمها
نظر لها وانكمشت بألم وتوتر تحت حديثه الهادئ
- رجلك بتوجعك صح؟! 
ابتلعت ريقها ونفت هامسة رغم استغرابها من معرفته
- لا عادي
- طيب مدي رجلك
نفت بإضطراب شديد تحاول تدليكهما بألم وقد ازداد التشنج من انشداد اعصابها عندما جذبتهم بإرتباك
- عارف لانك اتشنجتي بعد ما نمتي بس يمكن محستيش اوي بسبب المنوم والادوية
مال قليلا وجذب قدمها برفق ليضعها فوق فخذه يمسد الاصابع وكف القدم
- بس انا حسيت لانك كنت بتتألمي ولما سألتك قلتي رجلك بتوجعك وعلي فكرة انا قعدت ودلكتهم لحد ما هديتي ورحتي في النوم
رمشت ناظرة له وقلبها يضرب بقوة بينما اصابعه تضغط قدمها برفق ليبتسم لها بحنان
- تعرفي ان بدايتك معايا وحبك ليا كان ابوي اكتر! 
قضبت جبينها بعدم فهم واتسعت بسمته مومئً بتأكيد
- انا عارفة انك مكنتيش مترجمة شعورك بس انا كنت فاهمه كويس والغريب انك نقلتهولي وبقي جزء كبير فيا حاسك بنتي وبتاعتي وملكي.. 
ابتلعت ريقها بصمت رافعة خصلاتها خلف اذنها حتي جذبت قدميها ببطء الي أن انزلتهم من فوق قدميه ولا تعلم هل ذهب الالم من تدليكه أم من إرتباكها
ابتسم لها ومال متمددًا بجزعه حتي اراح رأسه فوق قدمها تحت تشنجها لترمش بخفقات متسارعة من نظراته لها
ابتسم لها واغمض عينيه هامسًا بهدوء
- العبي في شعري
لم تستجب وكأنها لم تسمع حتي امسك كفها ووضعه فوق خصلاتها مهددًا بنبرة محذرة دون أن يفتح عينيه
- لو ملعبتيش في شعري هقوم ابوسك
قضبت جبينها ومتأكدة من انها سمعت تلك الجملة من قبل
اغمضت عينيها برعشة تري صورة ضبابية لنومه بنفس الطريقة
فتحت عينيها بنهيج شارد وهبطت بنظرها له لتجده يتأملها بصمت حتي همس بشفتيه
- بحبك
فتحت فاهها تتنفس بقوة وعاد مغمضا عينيه ببسمة رائقة ليصلها صوته الهادئ
- لما بنزل بروح الشركة وساعات القصر لشغل وورق هناك..  وانا مبسبكيش..  قلتلك انا مبسبكيش ومش هسيبك
اما بالنسبة للخروج فانا معنديش مانع اي مكان عاوزة تروحيه قوليلي وانا اوديكي
تحركت اصابعها بإهتزاز بين خصلاته فيما تابع هو وقد زادت بسمته
- ومتقوليش عاوزة اجي معاك الشركة
ابتسمت بذهول واستسلام
والغريب أنها بالفعل كانت ستطلب هذا الطلب!
*******************

خيوط عشقكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن