الفصل الرابع والعشرون

40.5K 1.2K 128
                                    


- انتِ هنا؟!
سألها مستغرباً اختفائها من الحفل لتختفي بعد إنتهائه ايضاً
التفتت له بإختناق مبتلعة دموعها واومأت بهدوء
- حبيت اقف شوية في الهوا
نظر حوله ولوقوفها في شرفة غرفتهم من اجل الهواء وكأن الحفل كان في خندق!
- طب ما في هوا تحت .. انتِ كويسة؟
رمشت بصمت واومأت مستديرة مجددا في متابعة لعمال النظافة والخدمة والذين بدؤا بترتيب كل شئ واعادة كل شئ لمكانه
- مالك؟!
سألها متوقفا جانبها ليتكئ علي الدربزين الحديدي مثلها ونفت ناظرة للجانب الاخر بعيون دامعة
- مليش
اومأ دون أن تراه وصمت حتي همست بهدوء
- مكنتش متخيلة ان بنت عمتك حلوة كده
- اممم زرين جميلة .. تقريبا في العيلة كلها كانوا اجمل بنتين زرين وزيان
واتولدوا في نفس الوقت يعني وقت ما زرين خدت اول نفس في امريكا زيان اتنفست في ايطاليا
تنهدت كابتة ضيقها ولا يغيب مشهدهم معاً وهي تضحك بقوة لتحتضنه بسعادة!
هكذا بكل براءة تحتضنه!
- بس تصرفتها اوفر شوية
ابتسم بسخرية ناظراً لجانب وجهها وحتي خصلاتها من ابعادها لرأسها متابعة ما يحدث علي الجانب في الاسفل
- مش اوفر ولا حاجة .. هي عفوية بس ودا بحكم عيشيتها في امريكا.. زيان كانت ساعات بتنزل مصر وعاشت معانا فترة لما اهلها انفصلوا .. لكن زرين مبتنزلش الا في المناسبات ومش كلها يعني وقت فرحنا مقدرتش تيجي عشان كان في مشاكل في شغلها
- اممم.. ربنا يوفقها .. وعلي فكرة تصرفات زيان كمان اوفر
نظر بسخرية لها وظل كما هو حتي استدارت مكتفة ذراعيها وكأنها كانت تتمهد وتستمد القوة والهدوء قبل مواجهته
- انا شايفة ان اعدتي هنا ملهاش لزمة
- ما قلنا عدتك في بيتي لحد ما تخلص
- دا لو هتردني
قالتها بتهور وضيق واقترب ناظراً لوجهها بتأمل
- وانتِ عاوزاني اردك ؟!
ابتلعت ريقها وخفق قلبها بقوة
- لو عاوزاني اردك .. هردك
قطبت جبينها ناظرة لعينيه بقوة واقتربت الخطوة المتبقية حتي همست
- وانا عمري ما هطلبها يا يوسف.. قول عليا مغرورة .. قول متكبرة .. قول حقيرة.. قول اللي انت عاوزه.. بس خليك عارف اني مش هطلبها ولا هنسالك انك طلقتني
لم تتغير معالم وجهه وكأنه كان متوقعاً للرد وعادت مجدداً قبل خروجها من الشرفة
- وعلي فكرة .. انت متغيرتش.. مازلت بتتعامل بالضغط !
- ضغط !
رددها بسخرية وواجهها نافياً
- انتِ عشان غيرانة فكراه ضغط.. لانك فاكرة اني وقفت اتكلم مع زرين بالعمد
- انا مش غيرانة
قالتها بحنق وبنظرته الساخرة هتفت به بعصبية
- متألفش علي مزاجك.. وانا هغير من ايه اصلا .. عشان شقرا او حلوة ؟!.. انا كمان مش وحشة ويمكن احلي منها كتير بس انتو المظاهر بتخدعكم.. رجالة بقي
وهمستها الاخيرة كانت مستهزئة وضحك مستفزاً
- ومالهم الرجالة.. بقي ؟!
رمشت ناظرة له بغضب وخرجت من الشرفة دون اجابة بينما توقف هو لحظات ينظر علي اثرها المختفي قبل أن يعود ناظراً من الشرفة بإختناق
*******************

- اياس
همس بها كمال بقلبٍ خافق من اسعاف الاطباء له... ولولا معرفتة باحد الاطباء هنا ما كان سيعلم أن أخيه اتي مصاراً الموت بحالة مزرية
- اهدي يا كمال
قالها أيان بضيق وتوتر من كل ما يحدث ولم يتوقع للحظة ان حياة المدعو إياس ستهمه..
قلبه يتألم من حالة اخيه ولا يعلم لما يشعر بكل هذا الاهتمام نحو كمال
يشعر انه يحمل من الانسانية كثيراً كما كان هو سابقا!!
حقاً يذكره بنفسه!!
- اهدا هيبقي كويس
نفي كمال ناظراً له بدموع
- اصاباته خطيرة يا ايان .. واصل بنزيف حاد وعملية الاستكشاف هتطلع انه مدمر انا متأكد.. قلبي مقبوض
تنهد ماسحاً فوق خصلاته بقوة واقترب كمال جالساً بإرهاق لا يستطيع تحمل خسارة اخيه
- هعمل ايه لو مات
اغمض أيان عينيه بصمت ويريد الاجابه بأنه سيتأقلم .. وحقاً للاسف سيتأقلم ليس إلا !
- خير متفكرش حاول تهدا
اخفي وجهه وتحرك أيان يريد مقابلة الطبيب وليته ما قابله
- زي ما قلت الحالة شبه بتحتضر .. نزف كتير جدا علي ما جه في اصابتين شبه سطحيين ولكن الثالثة خطيرة لان السونار والاشاعات بينت ان في مشكلة في الكلي واحنا شاكين إنها اتصابت من الطعنة
نظر له بذهول وتنهد الطبيب ناظراً في ساعته
- دلوقتِ هيدخل عمليات ووقتها هنحدد كل حاجة.. ادعوله
***********************
ظلت زيان جالسة بصمت فوق الفراش تشعر بشلل غريب وخدر مُخيف
ابتلعت ريقها دون أن ترمش ولا تعلم كيف نهضت وسارت من الخارج وأتت للغرفة
كما لا تعلم كم مر من الوقت ..
رمشت تشعر بالنعاس! .. تريد النوم!
وليتها تنام وتستيقظ من هذا الكابوس
اغمضت عينيها لثوان وسالت دموع كانت متعلقة باهدابها المُبللة
وبمجرد ما نهضت حتي دارت الغرفة بسرعة مُخيفة لتسقط ارضاً بقوة جانب الفراش !
وفي الاسفل كان ينفخ بضيق ليس المسئول عن الحادث وإن كان يريد التخلص منه لقتله بنفسه
- كنت ناقص انا...
همس بغضب ناهضاً من مقعده الجلدي يريد الذهاب للمشفي ورؤية اخر الاوضاع .. دلف للغرفة ناظراً نحو باب دور المياه من عدم وجودها .. و تصلب فجأة من رؤية جانب خصلاتها التي ظهرت من خلف الفراش ارضاً
- زيان!
قالها بصدمة راكضاً نحوها حتي جذب جسدها البارد له رابتاً فوق وجهها
- زيان.. زيااان
لم تُجيب وابتلع ريقه بقوة لا يعرف ماذا حدث لها لتسقط بتلك الطريقة فاقدة وعيها .. حملها واضعاً جسدها فوق الفراش والتقط قارورة العطر من فوق طاولة الزينة ناثراً رزازه فوق كفه لتحاول استنشاقه محاولاً افاقتها حتي رمشت بأنين قبل أن تميل برأسها فوق صدره مجدداً
- زيان .. مالك!
ناداها رابتاً فوق وجنتها وعادت تحاول فتح عينيها لتبكي فجأة هامسة بإسم اخيها
تصلب مبتلعاً ريقه وعلي الاغلب سمعت حديثه مع ايان وسقطت
- اياس كويس.. فوقي
تحدث محاولاً طمئنتها ورمشت ناظرة له بتشوش قبل أن تنتفض مستوعبة وجوده لتصرخ ببكاء
- اياس فين؟!.. انت قتلته
نفي بضيق ماسحاً فوق خصلاته بقوة
- انا مقتلتش حد ولما اقتل حد هاجي اقول انا مبخافش من حد.. وبعدين المحروس لسه مماتش انا رايحله المستشفي وهبقي اقولك وصل لايه
- لااا.. لا خدي معاك
توسلته بصرخة باكية متمسكة بكفه ونفخ بسخط
- انا مش رايح اتفسح.. اخدك فين ..
- عشان خاطري .. انا مقدرش استني.. لازم اشوفه حاسه اني هموت
ظل صامتاً وتحرك متجاهلاً وجودها حتي خرج بكل برود العالم محذراً
- اياكِ تخرجي من البيت.. لما اوصل هبقي اتصل بيكِ واطمنك
رمشت لا تصدق ما قاله وما أمرها به .. بل لا تستوعب بروده المريض وتركه لها !
***********************

خيوط عشقكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن