" الحب لا يمكن أن تتعلمه أو تدرسه، الحب يأتي كنعمة"
(جلال الدين الرومي)
يجلسون ثلاثتهم بأحد الكافيهات و بجانبهم رعد الذي ادخله ليل رغم أنف الآخرين.
و تلبية لرغبة كريم و أنه لم يكن يشعر بالجوع وقتها طلبوا مشروبات ساخنة و لكريم لبن و بسكوت.
كانا اثنينتهم يشعران بسعادة و راحة داخلية و يشعران مع كريم بأنهم كعائلة طبيعية. يبتسمان ابتسامة من القلب و يضحكون لأول مرة منذ وقت بعيد.
كان كريم من الأطفال صعبة الإرضاء نظر للبسكوت و قال بإشمئزاز:
_ايه دا! دا مش البسكوت اللي بحبه!
كاد أن يتحدث ليل و لكن رضوى قالت بابتسامة:
_دا البسكوت اللي بيتاكل مع المشروبات السُخنة بيبقى سادة كدا و طعمه حلو
_لأ وحش!
_اقولك على حاجة!
_نظر لها بفضول و قال: ايه!
قامت بغمس قطعة بسكوت بمشروبها الساخن و اكلتها باستمتاع جعلت كلاهما ينظر لها باستغراب. قالت هي:
_انا بحب أكل البسكوت كدا و البسكوت دا طعمه جميل لما تسقسق بيه في اللبن.
ثم قامت بغمس قطعة بكوب اللبن و اطعمته إياها.
أعجبته الفكرة و قام بفعل المثل، ابتسمت هي. و لكن فاجآها الطفل الكبير الذي يجلس بجانبها عندما قال بتعابير طفولية:
_و انا كمان عايز أجرب
_طب ماتجرب!
_لأ اكليني واحدة زي كريم
قهقهت عليه، من قلبها بحق، وقعت بحبه من جديد و هذه المرة في عشق طفولته التي يظهرها لها هي و فقط...
****
و بعد مرور أيام، و قد قررت أن تكن قوية و الا تقف هكذا و أخذت بنصيحة رضوى بأن الحياة تستمر و لا تتوقف و عليها أن تتعافى و تقوى و تعيد حساباتها من جديد.
ذهب إلى المطعم عندما علم أنها عادت للعمل مرة أخرى أو بتعبير أدق عادت للحياة.
وقف عند مدخل المطعم وقعت عينيه عليها أخيرا. ولكن تغيرت، نعم لم تكن كالسابق. تبدو مختلفة، عملية أكثر تتابع العمل بكل جدية و تتعامل بحرص و عملية شديدة مع الآخرين، و ابتسامات مجاملة، تغيرت المجنونة.
لا لحظة يا رحالة، هي كانت هكذا قبل أن تقابلك لكن أدخلتك عالمها المجنون و العفوي. انت فقط يا إياد و لم تكن تعلم... و الآن ماذا؟ أصبحت أكثر و أصعب من ذي قبل، و السبب انت...
تقدم منها و كان ظهرها له، وقف خلفها و قال:
_الترابيزة بتاعتي فاضية؟!
تجمدت، تعلم أنه هو من صوته فهي تميز صوته و رائحة عطره ببراعة. اغمضت عينيها و زفرت بعمق ثم فتحتها مرة أخرى و قد أخذت القرار.
التفتت بثقة و عملية وقالت بجدية و ثبات:
_بنعتذر لحضرتك يا فندم بس الترابيزة مشغولة دلوقتي تقدر تتفضل على ترابيزة تانية...
