32. أخوّةٌ ضائعة ~

473 46 38
                                    

سمعت دقا خفيفا على باب غرفتها فجعدت ملامحها بانزعاج والنوم بدأ يتخلى عنها تدريجيا .

فتحت عينيها مستغربة، وتطلب الأمر طرقا آخر لتستوعب وتعتدل جالسة، وبحلول هذا الوقت سُرق النوم من عينيها تماما . ضربات فؤادها تسارعت واحتل الوهن ركبتيها، وسؤال واحد تسلل إلى ذهنها بشكل خبيث؛ من الطارق ؟

التردد كان ما داهمها، وفتح الباب لم يكن خيارا متاحا ! مرت اللحظات وبمجرد أن قررت سحب قدميها ومغادرة السرير ومضت في ذهنها ذكرى مشؤومة؛ يوم سُحبت من حضن والدتها وهي في عمر الزهور .

فؤادها تلوى ألما، ولكن الطرق الذي عاد يعلو جرّها بهدوء من زنزانة تفكيرها، وسرعان ما زفرت والخوف كان عنوانا .

تقدمت بهدوء ولم تكن تملك الشجاعة لفتح الباب تحت جهل هوية الطرف الآخر، ثم إن الماركيز حرّرها من سجنها بلا سابق إنذار وتخاف لو أن له مخططا مقيتا من وراءه .. أن يتخلص منها مثلا !

الكثير من الشكوك تزاحمت في خلدها، وفتح الباب لم يكن اقتراحا يحظى بالدعم المطلوب بعد كل شيء .

" إيميلي ".

في هذه اللحظة توقفت عن الافتراضات المزرية، وفكرها أضحى صافيا فور أن انتعشت أذنيها بهمس ناعم لطالما اعتقدت أنه يُكسب اسمها عذوبة وجمالا .

لقد ظنت أنها في حلم سعيد لولا أنه همس مجددا كمن قرأ أفكارها .

الدموع تجمعت على ضفاف عينيها مهددة بالنزول، وقلبها هو بدوره ترنم ودفع ابتسامة واسعة لأن تشرق في سماء محياها، ورغم كل هذه المؤشرات المألوفة فالتكذيب ما يزال ساري المفعول، ومن أجل قطع شكها باليقين وجعل الحلم سرابا سارعت تفتح الباب بشيء من اللهفة المحببة .

في ما جاء أحست بدفعة خفيفة للوراء، وفي غضون ثانية واحدة تجلى ليو أمام عينيها، ألقى نظرة تفحصية على الرواق كما لو أنه يتأكد من خلوه من أي بشر قد يشهد جريمته وحين فعل أغلق الباب واستند عليه بإهمال متنهدا براحة . لقد كانت ثوان قليلة قبل أن يستعيد تركيزه وينتبه لإيميلي، وفي سره اعترف أنها تبدو طفلة، والدليل ربما اهتزاز شفتيها وترقرق عينيها دمعا .. هل يجب أن تقابله هكذا في كل مرة ؟

ابتسامته المراعية برزت وكانت جميلة ! اعتدل بهدوء وفتح يديه، وهذه بالتأكيد كانت رسالة واضحة لا تحتوي اللبس ولو بمقدار ضئيل لإيميلي التي فهمتها وسارعت ترتمي في حضنه بينما تردد هامسة اسمه بود وعاطفة كبيرتين .

أحاطها بذراعيه ووضع ذقنه على رأسها، وصوت اشتمامه لعبيرها كان الصوت الوحيد المسموع، ولعل هذا كان أسلوبه في ملأ رئتيه ووضع حد لاشتياقه البائس .

قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Dateحيث تعيش القصص. اكتشف الآن