" وأخيرا توقفت .."
نطقت بارتياح وبحة مع اختفاء صوت المطر، ومن دون أن تضيع ثانية واحدة سارعت تغلق كتابها وتستقيم في نية للمغادرة، وهذا تجلّى في خطوات هادئة صدرت منها لولا أنها توقفت فجأة وعادت أدراجها؛ والوجهة كانت مارينيت النائمة بشكل لطيف ! توقفت عندها ولم تتردد في تطبيق ما عادت من أجله خصيصا حالما رفعت الغطاء إلى عنقها تتمنى لها أحلاما سعيدة، وترجو أن يضمن لها هذا الدفء بعيدا عن الأجواء المخيفة في الخارج .
الوقت كان ليلا وربما الساعة أشارت إلى التاسعة ونصف، ولكن الأجواء المظلمة والهادئة جعتله يبدو وكأنه منتصف الليل، إلا أن شارلوت لم تبال بالفعل لأنه كان جوا مغريا في ناظريها .. الكثير من الهدوء وما يشبه أخذ فسحة مجانية ! هذه بالتأكيد فرصتها حتى تفكر للمرة الألف في كلمات الدوق، ولعلها قد توفق هذه المرة في حلّ لغزه .
لقد حصلت على إذن مدام كارولين والذي صاحبه تهديد تضمن أن تعود في الوقت المحدد، وهي لم تكن في حاجة للتذكير البتة، فمعصمها يرتعد ألما كلما ذُكرت كلمة تأخير .
كانت تسير بينما تنكس رأسها وعقلها في حالة فوضى عارمة رغم أنها لم تخرج من القصر بعد، إلا أن حديث الدوق لم يكن ما يشغل فكرها ! فهي كانت تختلق الكثير من الكذبات البيضاء حتى تنقع إليزابيث بالمظهر البالي الذي تبدو عليه .
بحلول هذا الوقت كانت تأمل ألا تعود الأمطار للهطول، ولأن طريق الغابة الترابية سوف تصبح زلقة وموحلة فإنه يجدر بها أن تسلك طريقا آخر والذي يستغرق وقتا أطول .
رفعت رأسها على حين غرة، وهنا أين تصنمت مكانها؛ لأن ما رأته كان يستلزم هذا !
بالقرب من مدخل القصر وقفت تشاهد حصانين يدخلان من البوابة الخارجية، والأمر لم يكن يحتاج ذكاء خارقا لكي تدرك أنه الماركيز ومن كان معه صباح اليوم، وكوزيت كانت دليلها؛ بذلك البياض الذي تمتلكه لا يمكن إلا أن تلاَحظ .
ولكن المشهد كان مختلفا عن الذي في الصباح، والفرق توضح في هيئة الماركيز منحني الظهر وهو يكاد يكون مستلقيا على ظهر فرسه بعيدا عن استقامته التي لطالما رافقته ومنحهته مظهرا شموخا ووقورا، والوضع كان مريبا بحق .
كلاهما مرّا بالقرب منها، وحين تابعتهما دون وعي رأت أن كلا الحصانين توقفا عند مدخل القصر، والشخص المجهول لم يعد كذلك حين قفز برشاقة ونزع قلنسوته قاصدا الآخر على عجل .. فقد كان الكونت !
لقد زادت حيرتها حين أصبحت تتسائل عن عودتهما المتأخرة، ولكن هذا كله اختفى وهي تشاهد الماركيز يقفز من على كوزيت وقد كاد يقع على وجهه لولا أن الكونت سانده .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Historical Fictionتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...