" في غرفة الكونت ".
أظلمت تعابير ألكسندر والغضب عاد يكسو مقلتيه في نظرات ثاقبة سُلطت عليها، ولو كانت هذه الأخيرة تقتل لكانت شارلوت تحت التراب منذ أمد بعيد .
" هل تعنين ما تقولين ؟ كيف يمكنك قضاء ليلة في غرفة رجل آخر ؟"
تهجم عليها بسبب أفكار خاطئة هاجمت ميناء عقله الراكد .
أخفضت بصرها تتجنب تلاقي عيونهما، وبعد أن رسمت إبتسامة باهتة ردّت بهدوء .
" صدق أو لا تفعل، ولكن هذه تكون الحقيقة دون أي تعديلات، وأنا لم أخبره لأنني خفت أن تطالني ظنونه السيئة، أن يرمقني بنظراتك المشمئزة هذه ! كأن يقرف مني ويصدق ما يقوله عقله، لعله سيصدق الكونت ثقة فيه، ولكنه بالتأكيد لن يفعل معي، فلطالما وصفني بالفتاة الفقيرة التي تسعى عازمة عبر طرق قذرة إلى تسلق سلم الأغنياء ".
ابتلعت حين لاحت بعض الذكريات السيئة خلدها، وفي اللحظة الموالية استرسلت .
" غضبه الهائل الذي أمتلك معه تاريخا طويلا يجعلني أرتجف ذعرا بسبب يقيني بأنه تحت وطأته سيفقد أعصابه ويقترف مجزرة بشرية أخرى، إن تغلبت عليه سوداوية أفكاره فالضحية قد تكون أنا أو الكونت . صحيح أن العلاقة بينهما متينة، ولكن والديّ سبق وأن كانا ضحايا سخطه وتهوره، إن بصيرته المعمية تشبه نارا سوداء تلتهم كل شيء بوحشية قاسية، ولأنني حفظت درسي لا أود المجازفة مجددا، نتائج كارثية كتلك التي عشتها لا أود الاقتران معها مهما كان ! أدرك جيدا بأنني أثبت التهمة عليّ بصمتي، ولكنني مسرورة حقا أنني استطعت حماية رابطتهما من التمزق ".
ختمت بابتسامة متألمة، وتنهدت قبل أن تستطرد مع بصر شاخص .
" أنا على دراية بأن كرامته تكاد تبلغ عنان السماء، وعرضه هو الآخر مصدر اعتزازه، وإن كانت إيميلي شقيقة الكونت الذي آذى نفسه من أجله قد وضع الموت في طريقها دون أي اعتبار لهذا الأخير، فماذا عني وأنا ابنة قاتل والديه قد خرقتُ إحدى قواعد العشيقات ! هل تعتقده سوف يعطيني فرصة التوضيح، هل سيصفح عني إن بررت بأنني وددت إخبار الكونت بالحقيقة ".
مجّدت الصمت لثوان وسرعان ما أكملت .
" ولعله سيتجاهل كل شيء ويركز على وقاحتي في جعل جهده عقيما بشأن إخفاء سرّه الذي حافظ عليه لذاته سنين عديدة بينما أنا لم أتكبد عناء فعل هذا شهرا واحدا ! ولكن الأمر ليس بيدي، الألم يلتهمني بمجرد التفكير بأن الكونت يعيش كذبة سوداء تستمر في تلطيخ حياته وجره إلى دوامة من المواجع والجروح بلا أن يكون له ذنب حقيقي، أنا حقا لا يمكنني مواصلة مشاهدته في صمت وهو يقدم ودّه للشخص الخطأ، ابتسامته النيّرة شيء مقدس وأخاف أن تزول تحت ظل تهميش الدوق، وهناك أيضا إيميلي التي تستمر في العيش وهي تقنع نفسها أن والدتها ما تزال على قيد الحياة، ولكن .. ألن تتخلى عن هاته الكذبة المزرية إن علمت أن لها شقيقا ؟ أليست الألوان الزاهية سوف ترفرف فوق فؤادها والسلام سيحط أخيرا بعد سنواتٍ عجاف من المعاناة ".
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Historische Romaneتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...