10. إحالةٌ عن منصب ..

666 89 296
                                    

كتابٌ ذو غلاف غريب عن أعين الماركيز تسلّل بين مجموعة كتبه واستقر هناك، وذلك سرق انتباهه وبقوّة .

قطب حواجبه الأنيقة لهذه الملاحظة وتعابيره كانت تقول بشكل واضح؛ من أين أتى هذا ؟ ولم يستطع إلا أن يدنو بخطواته من مجموعة الرفوف الحاوية للكتب، وحالما صار على مقربة مدّ يده والتقطه .

أمعن النظر به وهو يقلبه بين يديه ولا يزال يحافظ على تعابير الجهل، وأفعاله هذه في أن ينعش ذاكرته ومعرفة مصدره المجهول كانت فعالة وقد تذكر أنه يعود لمرافقته المتمردة، والأمر حصل يوم جاءت متأخرة وأرادت صفعه، إنه يذكر جيدا أنها اقتحمت جناحه مع أنفاس تكاد تكون مسلوبة وفي يدها استقرّ كتاب لونه كان يشبه هذا .

تنفس بقوة وشيء من عدم الرضى ملأ محياه، لقد رغبت بصفعه !

صحيح أنه مرّ على ذلك اليوم ثلاث أشهر، ولكن المدة لم تكن كافية بالنسبة له حتى ينسى مشاعره آنذاك، وسؤالٌ واحد في عقله ما يزال حرًا طليقا يبحث عن إجابته دون فائدة .. من أين جاءت بتلك الجرأة المقيتة لتفكر مجرد تفكير بشيء مثل هذا ؟ بل إنها طبقت مع أماراتٍ باردة كالصقيع !

توافدت بعض اللقطات على ذهنه، ورغم أنها أصبحت جزءً من الماضي إلا أن الغضب يتوغل إلى روحه كلما تذكر، تلك الجرأة من منظوره تبدو وقاحة بحتة، وربما تعدّت هذه الأخيرة بأشواط كثيرة .

هو لا ينكر أن الغضب أعماه ذاك اليوم وجعل منه عبدًا لا يتبع إلا ظل غضبه لعله يقتص لكبريائه المخدوش، لا يعلم ما كان ينوي فعله لولا أنه واجه الدوق في الدرج والذي ذكّره بأمره من وقت مضى أين استعاد بعض رشده وأدرك أن العواقب سوف تكون وخيمة إن خالف ذلك .

إلّا أن جزء من غضبه كان مواصلا على عناده وأبى مفارقته بتلك السهولة، كما الوساوس التي عششت برأسه عن كونه سوف يغدو بمظهر الضعيف إن رأى هذا شيئا عابرًا وتنازل عن حقه دون أن يكافح . ولأنه كان الماركيز وشارلوت كانت في الجهة الأخرى فهو لن يسمح لها بالتمادي أكثر ويجب عليه وضع حدود معينة .

حتى وهو يمنحها ذلك العقاب لم يشفى غليله، تقاسيمها الساكنة والهادئة كانت تزيد هيجانه .. لما عليها أن تكون هكذا دون أن تبدي ندما أو خوفا ؟؟ ما بال هذه الثقة التي ترفض التزعزع لأيّ سبب ! هذا بالتأكيد ما جعله يخرج غير راض ولوعته واصلت الضغط على فؤاده بشكل غير مريح، ولذا شك في أنها سوف تتلاشى حتى يمطر أحدهم بكلماتٍ لاذعة تخفف وطأة ذلك الإحساس ! وأمنيته تحققت فوجد كلاريس في طريقه وكانت الضحيّة التي صب عليها سخطه العظيم .

في ذلك الوقت وحسب شعر بالراحة تداعبه دون أن يتواجد أي مقدار ضئيل للندم جراء ذلك، وفي اللحظة التالية اتجه نحو جناحه يحاول بائسًا تحرير تلك الذكرى المشؤومة التي أمست حدث عقله .

قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Dateحيث تعيش القصص. اكتشف الآن