بهدوء سحب كرسيه جاثما عليه، وفي ما جاء مسح الجالسين بعيونه بحثا عن شخص معيّن والذي كان شارلوت ! ملامحه تجهمت بعد ملاحظة غيابها، وربما قلبه انتحب غير راض .
لا يزال يتذكر كيف أنها بكت في حضنه بحرقة مثل شخص أقسم على طرد كل ما يخالج فؤاده من سوء هنا والآن دون تأجيل .
الأمر أخذ منها دقائق طويلة حتى وعت على نفسها مبتعدة، وليست تدري كيف حدث وتلت الشكر بخفوت وضعف، ورغم أن هذه كانت غرفتها إلا أنها سارعت بالهروب إلى اللامكان كالمجرم الخائف بعد أن غزاها الاحراج والحمرة الخفيفة لثمت وجنتيها، لقد كانت محظوظة لأنها يمكنها تبرير بكاءها، ولكن أليس هذا ما يجعل الوضع أكثر احراجًا !
" ألن تحضر الليدي شارلوت هذه المرّة أيضا ؟"
انتشله من ملاذه الآمن صوت مريح للآذان يعود لأنجيلا، وهو لم يدري إن كان هذا السؤال موجه له أو للجميع؛ ولكنه بطريقة ما علم أنه له وحين أوشك على الرد دون أن يتكبد عناء النظر إليها صدر صوت أجش من الدوق الذي دخل للتو وقصد مقعده بخطوات متزنة تعكس شخصيته الوقورة .
" يبدو أن هضم الواقع ما يزال صعبا لها، لذا لا أعتقد أن إعطاءها بعض الوقت يكون مشكلة كبيرة، وربما هناك ما يشغل بالها ".
جلس، وحين استقر تماما رمق ألكسندر بنظرات غامضة ذات مغزى، وهذا تزامن مع بذره لآخر جملة، يظهر وكأنه على دراية بأنه متواطئ مع شارلوت، وهذا الأخير لم يستغرب، فهو يدرك جيدا أن معظم من القصر مخلصين له بطريقة عجيبة، وهذا حقيقةً يزيد كراهيته وحقده الدفين .
حتى طريقة تفكيره مستفزة ! خمن وبلغ أن ما يشير إليه يكون اللغز الذي يدور حول الكونت، وانتباهه مجددا سُرق حين استرسل الدوق وهو يتأهب لبدء تناول الطعام .
" صحيح أن الليدي أصبحت عشيقة لك لورد، وهو واقع لا يمكنني تغييره، ولكن ضع في الحسبان أنها ما تزال تحت حصانتي، وأوامري ما تزال سارية المفعول . لا تؤذها ولا تطردها مهما حدث ".
نبرته وإن كانت لامبالية فقد حملت من الصرامة القليل، أين لا نقاش قد يكتسح الوسط، والريب في المقابل لف الجميع .. ما السبب الذي يدفعه إلى التحيّز إليها دائما ! ولما رغبة الماركيز المفاجئة في جعلها عشيقة رغم الرفض الذي أبدته قاطعا ؟؟
المعني أعطاه الموافقة وانغمس في أفكاره بكل سلاسة، لطالما تساءل لما الآخر منح شارلوت حصانته، ولكنه الآن بات يضع احتمالا ضعيفا بكونه فعل ذلك لأنه يعلم من تكون، ولكن أليس هذا تناقضا وهو يقدم على حمايتها، ما غايته الحقيقية أصلًا ؟
في لحظة ما تذكر شيئا ما ورأسه بسرعة التف ناحية الكونت الهادئ والذي يتناول طعامه بكياسة تتماشى مع هيئته المسالمة، القلق نهش قلبه، بريق الشفقة غطّى عينيه وسؤال واحد سكن خلده .. إن علم الدوق أنه كذب بشأن موت ابنة بيير في الماضي فأيّ عقاب سوف ينزله به ؟
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Ficción históricaتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...