تحرّك أحد الجنديين من مكانه يضيف بعض الحيوية على المكان مع خطوات متزنة بدت مدروسة ! وفي ما جاء تعالى صوته في الفضاء بعد أن كان الوجم يغزوه، وضمن نطاق التساؤل هو نطق .
" هل أنت مدموزيل؛ شارلوت ستار ؟"
المعنية بهذا رمقته بهدوء مخيف، وعقدة طفيفة استقرّت بين حواجبها الأنيقة، كما أن بعض المشاعر السيئة بدأت تتنامى في أغوارها والتي استطاعت السيطرة عليها دون أن تمنح لأيّ أثر صغير منها فرصة ليعلو محياها .
أخذت كل الوقت في معاينته من تحت رموشها الكثيفة، وفي نهاية المطاف تعقلت وتلفظت بحذر .
" أنا كذلك مسيو، هل من خطب ما ؟"
الجندي حدق بها هو الآخر حازمًا، كما لو أنه لاحظ نظراتها العميقة نحوهما قبل قليل ولم يعجب بهذا، ويجب الإشادة بأنه يبدو فطنا؛ وعيونه تكاد تكون دليلا !
تجاهل وأزاح بصره عنها، وبعدها التفت إلى زميله نصف استدارة .
" أعطيني ".
باعد بين شفتيه قائلا بثبات وشيء من التسلط، وشارلوت لا تنكر أن هذا أثار امتعاضها، ورغم ما أبصرته إلّا أنها التزمت الصمت وراقبت الموقف بأمارات ساكنة .
شاهدت كيف سارع الآخر يبحث في حقيبته المعلقة على كتفه، وهنا افترضت أن الرتبة بينهما مختلفة وهذا يفسّر كل شيء، كما يجعل الإنسانية تنتحب في الزاوية المظلمة .
العجوز ما يزال يصارع دقات قلبه المتسارعة، هلعه ازداد واقترب من الحافة مع مرور الوقت، وعيونه كذلك بدأت تهتز جزعا وبشدة . وهو ينتظر القادم نقل بصره إلى شارلوت؛ فرآها على هدوء وسكون غريب يكسب دهشته .. سكون محارب في خضم معركة طاحنة !
استفاق من سهوته حين استشعر حركة بالقرب منهما، قذف بصره نحو المكان المقصود فوقعت مقلتيه على لفافة ورقية متوسطة الحجم، وفي منتصفها بالضبط تواجد ختمٌ أحمر حمل نقشا ما؛ لا يظهر ماهيّته من مكان بعيد ولكنه يعطي صورة على هذا و بعض الخطوط تبرز فوضوية .
شارلوت قطبت حاجبيها لما يقبع في مجال نظرها، وردة فعلها تمثلت في نظرات مستنكرة مستغربة .
وكأن ما قامت به من تفاعل كان بداية هدم العلاقة الخاطئة الناشئة بينهما، فالرجل سرعان ما ابتسم بهدوء يزيل الكثير من التوتر المطبق على المكان، وفي اللحظة التالية استدرك .
" تفضلي، هذه لك، أرجو أن تشرفينا في قصر الدوق ".
كلماته لم تكن بهذا السّوء، ولكن قلب الأخرى تقلص بشعور فظيع غير محبب، ولقد كانت البداية !
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Tarihi Kurguتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...