بمجرد أن دقت عبارة الكونت أجراس مسامع شارلوت شعرت بأنّ ساقيها وهنتا، وبتلقائية انحنى جسدها للأمام تتمسّك بملابسه وتأخذه كدعامة بعد أن استوطن الخدر ركبتيها .
عيونها كانت جاحظةً تحت تأثير الصدمة تستهجن ما سمعته .
كيف ذلك ؟ هل جهودها ذهبت هباءً منثورًا مقابل اللاشيء !
" ليدي هل أنتِ بخير ؟"
صوتٌ به الكثير من القلق تسلّل إلى أذنيها ولم يكن يعود سوى للكونت وهو يحمل تعابير مضطربة .
استغرقت بعض الثواني العديدة في الصمت ولم تتنازل لتمنحه إجابةً ما، وعندما أراد الاستفسار مجدّدا استقامت لا تتكبد عناء إخفاء تشتّتها وقالت بضياعٍ تنسج كلماتها دون وعي لا تزال تعالج معنى حديثه .
" أنا بخير .."
دفعته من أمامها لاشعوريًا وتقدّمت للأمام تستمر بحمل أماراتٍ مصدومة مستنكرة .
إدريان بقي ثابتًا في مكانه بضع لحظات يراها وهي تبتعد عنه لا يشاهد غير ظهرها، وفجأةً سارع يقلّص المسافة بينهما يتمادى ويقطع طريقها مخاطبا إيّاها بحزم .
" ليدي، هل أنتِ متأكدة من أنك بخير ..؟"
في تلك اللحظة جفلت وهناك فقط استوعبت ما حولها وعادت لأرض الواقع تدركه .
رمشت مرةً واحدة تستفيق من تيها وغفلتها، وأضحت حدقتيها تتوسّط عينيه .
شفاهها انحنت بابتسامة مزيّفة لا تستطيع السيطرة على صخب قلبها، وبهدوء مصطنع قالت .
" أنا كذلك كونت، لا أدري ما الذي حدث لي ! ولكني حقا بخير .."
لا تزال تتمسّك بابتسامتها الباهتة تبدع في التظاهر، لا تريد أن تشغله باله أو تلفت نظره إلى فكرةٍ ما .
أبصرته يواصل ارتداء تعابير التكذيب، فاسترسلت ببعض الحيوية والمرح .
" ما بالك كونت ؟ أنا فعلًا بخير .."
وأضافت بابتسامة تحاول جاهدةً جعله يصدّق .
" لقد شعرت ببعض التعب وحسب، وأعتقد أنّ ذلك راجع إلى عدم تناول وجبتي الغداء والعشاء ".
صرّحت بنصف الحقيقة وحجبت الأخرى تحت غطاء كذبةٍ بيضاء، لقد تناولت الغداء ولكنّها تخطت العشاء حين كانت تخوض جلسةً لإثارة الماضي الكئيب واستحضار الذكريات التعيسة .
ما طرأ على بالها توًا حرّض مشاعر سلبية على التنامي ومع ذلك ثابرت تحافظ على ابتسامة تكاد تكون حقيقية، تحس بقطرات عرق بدأت تتشكل على جبهتها وهي تفكر في أسوأ سيناريو قد يحدث، ماذا لو اعترف الدوق ؟ هل الماركيز محطّم الآن ؟ خائبٌ ويشعر بالإحباط ؟!
" هل أطلب إذًا من مدام كارولين تحضير وجبة لك ؟"
عرض والقلق لا يزال يمتطي صوته، وشارلوت أحسّت بالذنب للتظاهر والمجاملة، ولكنها مضطرة في هذه اللحظة وأكبر أمنياتها أن تتجاوزه وتكون أمام الماركيز في رمشة عين .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Ficción históricaتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...