" ومن قال أن شيئا كهذا موجود ؟"
حواجب شارلوت تجعدت في صدمة، ولا يمكن نكران عنف هذه الجملة عليها ! فؤادها انقبض في البداية ولاحقا شرع ينبض بعنف وصخب شديد، حتى ظنت أنه سوف يخرج في أي لحظة .
" ما الذي تعنيه ؟"
تجاهل هذا السؤال كان ضربا من المستحيل ومن دون رقيب تفوهت بحذر، والعجيب أنها كانت متناقضة بشأن الإجابة، وبين الفضول والخوف واصلت التأرجح بلا هوادة .
الماركيز أغدق نفسه صمتا متأملا السقف دون هدف حقيقي، ولمعة الشرود اكتست عينيه . استغرق هذا بضع دقائق وحين بدا أنه كاف له تنازل عن تساميه وتنهد بقوة قبل أن يعود مكملا عمله، وبصوت جامد لا أحاسيس به أمر .
" اغلق الباب خلفك ".
ألقى بضع كلمات يبرهن كالعادة أن كلماته أغلى من أن تهدر في مناقشة تافهة كهذه؛ وهذا بالطبع كان من زاويته ليس إلا ! فشارلوت تكاد ترى هذه المحادثة أهم قضية في العالم، وما يفعله يبدو بمثابة تعذيب، إنه يمنحها جرعة ماء بارد بعد أيام طوال من العطش الشديد، وهذا في الغالب لا يزيدها إلا عطشا .
الفوضى داخليا كانت عظيمة، والتجاهل لا يمكن أن يحدث، وفي الأخير لم تستطع إلا أن تنبس باعتراض .
" ولكن لورد .."
" غادري حالا ".
حملق بها بنظرات حادة، وصوته الآمر شدد على كل حرف غادر ثغره، وهذا كان مؤشرا سيئا عن نفاذ صبره ربما !
لقد علمت أن القادم لن يكون جيدا، والبقاء هنا يشبه البقاء أمام أسد جائع أعطاك تحذيرا للرحيل، وأنت بكل غباء ألقيته بعيدا، ومن ثم ينبغي لك تحمل المسؤولية .
من خلال حملقته أدركت أن الظفر بإجابة واحدة يكون المحال ذاته، والمماطلة في وضع كهذا لا تعني سوى تخليد جروح عميقة ناتجة عن كلمات لاذعة لن تعلم إن خرجت سهوا أو بشكل مقصود، وفي نفسها تقر أن المغادرة بهذه السهولة وأذيال الخيبة تجر وراءها صعب جدا، إنه لمن الواضح أنه أسوء خيار وحل ممكن ! ولكنه بالفعل كان الوحيد، وفي النهاية لم يكن بيدها إلّا أن تضغط شفتيها ضد بعضهما في عجز فظيع .
عندما اعتقدت أن هضم هذه الحقيقة بات يلوح بالأفق القريب زفرت طويلا وانحنت تعلن الاستسلام، وسرعان ما سحبت قدميها تغادر بهدوء كبير .
بمجرد أن اختفى جسدها توقفت محررة تنهيدة عميقة . من في الداخل أكثر شخص متناقض ومزاجي رأته في حياتها ! خمنت، وكانت بضع ثوان فاصلة قبل أن تسير مبتعدة عن المكان وما تزال عباءة الكونت مطوية على ساعدها .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Ficción históricaتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...