مع تعابير عبوسة وغير راضية استيقظت شارلوت وواصلت الجلوس على سريرها، لقد أيقظتها مارينيت مرّات عديدة قائلة بكل سرور أن الثلوج تساقطت ليلة أمس، وفي الواقع سماع هذا جعل مغادرة الدفء الذي هي فيه أمرًا صعبا جدا .
ولكن الأخرى كانت مصرة كالعادة، وما قالته تاليا شدّ انتباهها وسرق النوم من بين جفنيها .
" ألا تذعرين من فكرة أن مدام كارولين سوف تمنحك عقابا مضاعفا هذه المرّة ؟"
هذه كانت حقيقة، ولكن الذكرى المنبعثة كانت تثير التناقض ! لقد ألقت كذبة سوداء وفي النهاية امتعنت عن العقاب الذي تكلمت عنه وفقط طلبت منها المغادرة والخلود إلى النوم، ما الذي يعينه هذا ؟
شردت مفكرة، وحين استوعبت علقت أنظارها على التي تسرّح شعرها كلمسة أخيرة، هي صراحة لا تستغرب هذه العبارة منها وحين دخلت وجدتها تغرق في نوم عميق، من الواضح أنها كانت متعبة .
في هذه اللحظة استدارت نحوها مارينيت وقالت بثبات .
" تذكرت ! ما كان عقابكِ ليلة أمس ؟؟"
شارلوت والتي استمعت دون تغيير في محياها تذمرت باصطناع وأعقبت متجهمة، وفي قلبها تراكم بعض الذنب .
" لا تذكريني رجاء، أشك في أن فقرات ظهري تحركت من مكانها ".
وصية كارولين كانت أن تحرص على ألا يراها أحد ما حين تقصد سريرها، ومن المؤكد أن ذلك شمل الصمت حيال الموضوع، ولأن الأمر كذلك فهي غزلت كذبة بيضاء في محاولة جاهدة لتجاهل الذنب المتكدّس في أغوارها، وهذا دفع الأخرى لأن ترسم ابتسامة صغيرة مع شيء من الشفقة، ومجددا التفتت وأكملت تسريح شعرها القصير .
" لا يزال هناك متسع من الوقت كما أظن، لذا سأسبقك وأنت أسرعي وتجهزي، وليس عليك التأخر لأنني لست هنا، إن كانت ثرثرتي مزعجة فأنا أعتقد أن محاضرة مدام مثالية أسوء بأشواط ".
استدارت نحوها مع ابتسامة ذات مغزى، وهذا شابه التهديد المبطن .
لم تنتظر تعليقا على كل حال، وفي اللحظة التالية جرّت قدميها نحو الخارج .
ساد الصمت بعد صوت إغلاق الباب، وبالتزامن تسللت موجة هواءٍ البارد نحو الداخل، شارلوت ارتعشت على إثرها ولاإراديا خرجت بعض الأصوات اللطيفة من ثغرها مترجمةً ذلك بأفضل طريقة، ومن دون أن تعي كانت تمنح جسدها عناقا ضيقا .
حين عاد الدفء يغزوها، توقفت واستسلمت مستقيمة من موضعها، ولم تستطع إلّا أن تتنهد غير راضية .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Fiksi Sejarahتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...