قلب شارلوت وقع من جملتها، وتعابير مارينيت المذعورة لم تكن تساعد في تخفيف توترها وهلعها الذي انبثق من كل جسدها .
لسانها عجز عن بذر حديثه، وفي لحظتها كان الكلام حلمًا بعيد المنال، تحتاجه للتساؤل ولكنه تخلّى عنها وفقدته في خضم المشاعر المتنامية .
حلها الوحيد كان ملامحها المستفسرة، وتلك النظرات المنتظرة !
مارينيت أدركت ما يجب عليها، ولكن التردّد كان يخيِّم على كل شبر من وجهها، حتى شفاهها أبت أن تنطق إلا بعد جهد جبّار، وفي النهاية ابتعدت وألقت بخوف .
" لقد أنهى الدوق حياته رفقة مرافقه .."
قالت دفعة واحدة وكأنها خائفة من الضعف والتراجع، أو أنّ الشجاعة التي كسبتها حينها خافت أن تهجرها في اللحظة التالية فسارعت تتلو الحقيقة .
لحظةٌ طويلة من الصمت حازت عليها شارلوت تعالج معنى جملتها الوحيدة، مع وجهٍ فارغ من التعابير الدالة ..!
بنظر شاخصٍ ميزها كانت تحملق بمارينيت دون نية أو هدف، ويبدو الاستيعاب شيئا مستحيلا الآن .
وفجأة قطبت حاجبيها كما لو استعادت رشدها وادّاركت موقفها، ورغم ذلك لا يزال التقبّل والتصديق غير ممكن .
وبشكل مباغت قامت من مكانها بهلعٍ وقد توهجت صورة الماركيز في عقلها وتساءلت عن وضعه، ورغم الفرضيات التي اكتسحت عقلها لم تكن ولا واحدة قادرة على ارضاءها بالشكل الكافي .
وقتها نست تعبها ووهن جسدها، وشعرها الكستنائي انسدل على طول ظهرها، الملابس التي كانت ترتديها تمثلت في فستانٍ خفيف بلون زهري فاتح يكاد يكون أبيضا، لقد كان يخص النوم ولكن شارلوت لم تبالي لا للبرد الذي هاجمها ولا لقدميها الحافتين وإنما ركضت نحو غرفة الدوق وقلبها يتراقص رعبًا كالمجنون .
العديد من التصورات الفظيعة غزت ذهنها والمعني كان الماركيز، ولكن الكونت اخترق ذلك لوهلةٍ وفكرت بحاله هو الآخر، ألا يبصره والده ؟ ألمه لن يكون هينا وسهلًا ...؟
من خلفها مارينيت نادت ولكن ذلك لم يكن ليتغلب على فكر شارلوت المنحصر على الكلمات الملقاة سلفا ومصير الماركيز .
**
شعرها كان يرتد على ظهرها بلطف، وحين أضحت على مقربة من غرفة الدوق أبصرت حشدًا من الخدم يتجمع على بابها، وهناك توقفت خطواتها تلقائيًا وتصنمت مكانها وبهتت ملامحها .
لا بد أن الأمر مزحةٌ أخرى منه ..!
تعابيرها قالت هذا ولا حاجة للتصريح، والصدمة كانت جليّة على محياها .
شعرت بالعجز، وبعد كفاحٍ جاد مدت أول خطوة لها فكانت كطفلٍ صغير ينقش خطواته الأولى على أرض الواقع .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Ficción históricaتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...