" ما الذي تقصده ؟"
قالت إيميلي بوجه تعتليه ملامح الإستغراب، وليو الذي واصل مشاهدة النار المشتعلة نطق بصوت هادئ تناقض مع أعينه التي كانت كبركة عميقة تخلو من أي تموجات، وجديته المبهرة ظهرت لأوّل مرة .
" أنا أشك في أمر ما، إن تحققت صدقه كنتِ أول شخص أخبره ".
ولأن ثقة الأخرى به كبيرة جدا هي لم تجادله، ورغم أن ما قاله كان مريبا إلا أنها لم تشعر بالتهديد ولا بالخوف، وفقط اكتفت بهمهمة صغيرة .
ساد الصمت بضع ثوان، ولكن قلق إيميلي أبى الخمود، وفي النهاية لم تستطع إلا أن تتساءل وتقطع تركيزه عديم الحدود .
" هل من الممكن أن تأتي تلك المرأة اليوم ؟"
لقد اعتقدته لن يجيب وهو يغرق في هالة من الحملقة الكثيفة، ولكنه أحبط توقعاتها وردّ بينما لم يكلف نفسه نقل مقلتيه إليها .
" لا أظنها ستفعل، من المفترض أن القصر في حالة استنفار، وربما هم منعوا دخول وخروج أي كان، لذا هي لا تمتلك فرصة على الأغلب ".
**
" شارلوت ".
هتفت مارينيت الجالسة على طرف السرير وهي تحرك بشرود قدميها المرتفعتين عن الأرضية بمسافة صغيرة؛ مجسدة مظهرًا طفوليا بريئا .
من كانت تقف أمام النافذة بعقل ضائع همهمت بلا أي نية في الحديث، فالخارج الآن يبدو أجمل من كل هذا الهراء بالداخل . إن الحرية بالفعل شيء ثمين لا يقدره الإنسان إلى بعد فقدانه، وهذا ما حدث معها بعد أن احتجزت بين الجدران لمدة يومين، وفي هاته الأثناء لم يكن في مقدورها سوى التحسّر .
" إن أردتِ يمكنني إعطاءك البراءة ".
مارينيت صرحت بعدم اهتمام يتعارض مع حقيقة ما تدلي به، ولا عجب أنها عرضت هذا، ففي المدة الماضية بات خبر هروب عشيقة الماركيز مع أحد الحراس أكثر الأخبار تداولا، حتى الإشاعات انفجرت وبلغت الذورة؛ منها الصحيحة والمحرفة بالتأكيد .
استمرت بتحريك قدميها بشيء من الملل الذي نتج عن كونها هي أيضا تقضي يومها هنا إلى جوار شارلوت التي قطبت حواجبها ورمت بصرها عليها باستغراب .
" كيف هذا ؟"
استفسرت بعدما استردت تعابيرها الطبيعية، ولكن هدوءها المبالغ فيه أشار إلى أن معنوياتها تحتضن الحضيض .
" دعيني أقول للماركيز أنك كنت في غرفتي تلك الليلة ".
أقرّت بأسلوب بسيط للغاية، وكأن الأمر لا يعني كذبة سوداء بحجم مقيت ! ابتسامة طفيفة حطّت على شفاه شارلوت التي عادت تنظر عبر النافذة .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Ficción históricaتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...