كانت تسير بخطواتٍ متزنة، تعتمد على تصريح ألكسندر بأنّ الوضع لا يستدعي القلق حالما انهالت عليه بسيلٍ من الأسئلة، صحيح أنّ ذلك بث فيها الطمأنينة إلا أنها ما تزال متردّدة بشأن الذهاب، فلا تظن أن جلالته استدعاها من أجل اللاشيء !
وقفت أمام باب جناحه على بعد خطواتٍ بوجه هادئ يناقض ما في داخلها من هاجسٍ وفوضى عارمة من المشاعر السلبية .
شهقت بقوّة تستعد لما يجب أن تواجهه مهما كان، وعندما تقدّمت بهدوء فُتح الباب أمامها فأدركت أنه سبق وأعطى أمره للحارسين .
ابتلعت لاشعوريًا من التوتر، الموقف يبدو أقوى من أن تستطيع تحمله، والأفكار السودواية بدأت تزحف نحو عقلها .
بمجرّد أن دخلت وجدت العديد من الأشخاص بخلاف الماركيز، وهذا ما دعا الإستغراب ليعتلي عينيها ويبدّد التوتر .
حدّقت بكاي الجالس على الكرسي الأقرب منها . عجزت عن رؤية ملامحه ولكنها متأكدةٌ من كونه هو، وتستطيع الجزم من خلال مظهره وأكتافه العريضة المألوفة .
نقلت بصرها إلى الأريكة وهناك استطاعت مشاهدة إيميلي بملامحها اللطيفة والوديعة، وبجوارها جثم ليو وهو يرمقها بنظراتٍ غير مقروءة جعلها تعقد حاجبيها في جهل للوضع، ولم تدري إن فعلت هذا بسبب غرابة الموقف أو بسبب نظراته المبهمة في حقها .
ظنت أنّ هؤلاء هم المتواجدون هنا لولا أنها شعرت بهالةٍ بالقرب من النافذة، رفعت بصرها وحينئذ تصلّب جسدها والكونت أمام مرأها بأماراته المسالمة والساكنة، شعرت بمشاعر عديدة تنفجر بجوفها ولم تعلم ماهيّتها، ولكنها على الأغلب متأثرة !
رأته كيف رفع يده، وكسر عنقه بلطفٍ مبتسمًا يصرّح بنبرة ودية وضّحت صوته الهادئ المريح للآذان .
" مرحبا .."
لم تفقه السّعادة التي غمرت كيانها حالما تلاقت أعينهم، عميقا جدًا ودّت لو أنها تتخطّى الحدود وتعانقه مستقبلة إيّاه بحفاوة .
كان من الصعب التحكم في نفسها بعد رؤيته وقد اعتقدت أنها لن تراه مجددًا وأسراره سوف تبقى بحوزتها .. ولكنها فعلت في النهاية، واكتفت بتقديم ابتسامةٍ صادقة ودافئةٍ له .
الماركيز لم يشهد ما حدث، ولكنّه رغم ذلك أحسّ أن الصمت المطول لم يكن علامةً جيّدة ولم يكن كذلك ممّا نال استحسانه وبث فيه ما يطمئن فؤاده، العلاقة بين الإثنين معقدة نوعًا ما وابتسامة الكونت زادت حجم افتراضاته المريعة !
" هل يمكنكِ الجلوس ليدي ؟!"
قال جلالته على حين غرّة وهو يحافظ على وضعيته، وجذب انتباه الجميع فأصبح محطّ الأنظار تلقائيًا .
أنت تقرأ
قبل ميعاد النضوج || Before The Maturity Date
Historical Fictionتتراءى لي تلك الذكريات البشعة نصب عيناي، وتصبح بمثابة حطب يزيد من اشتعال النار المتأجِّجة في أعماقي . هنا أين يمنح قلبي صبغة سوداء جرّاء لون دخانها القاتم، ومشاعري الدافئة التي تقبع في داخلي تغدو رمادًا تتناقله الرياح مع ذكر اسمه . نعم هذه أنا ..! م...