6

700 67 79
                                    

وَقَعْتُ مُجدَّداً في أَحَدِ فِخاخِ قُوَّتِه العَجيْبة ، كانَ قَدْ قرَّرَ أنْ يدلَّني بها هذه المرَّةَ على الآدابِ التّي ما احتَرَمْتُها يوماً ، و جاءَ وقتٌ خالَفْتُها فيه داخِلَ دائرةِ عِلْمِه إعجازيَّةِ الوجود.
كُنْتُ لا أزالُ إلى قُربِه أراقِبُ الرِّجالَ يتراقَصُون دونَ همٍّ حَولَ النَّار ، أحسِدُ راحةَ بالِهم حقّاً ، فحتّى لو عِشْتُ ألفَ عامٍ من بعدِ اللّحظةِ لن أخابِرَ مَثيلةً لها

_"أوَدُّ لو أبقى معهم"

_"أضعُ في الحُسبانِ أنَّ فَهْمَكِ بطيء ، لا بأس"

أظْهَرَتْ له ملامِحِي حقيقةَ استِهجانِيْ ما قال ، أهانَني و مع أنَّه ليسَ أوَّلَ من يحاول ، لكنَّه الوحيدُ الذي وصَلَتْ كلماتُه إزعاجِي.
غطّى كَفُّه رؤيَتِي كما في السّابق ، و سَمَحَ لمَشْهَدٍ جديدٍ بأن يَرْتَسِمَ في عقلِي.
خُلِقَتْ صورةُ كَهفٍ رماديٍّ في قَلْبِ مَرآي ، تُحيطُ به أشجارٌ كتلكَ التّي اختَبَأنا في ظِلِّها منذُ هنيهة ، و أمامَها يتراكضُ ذاتُ الرِّجالِ بذاتِ الملابس ، يحملون رِماحاً كبيرةً كما في الأفلام ، و اللّيلُ حُلَّتُه تَستُرُ كلَّ شيءٍ عدا نارِهم المُوْقَدة

_"راقبِيْ ما سيَحدُثُ بعناية ، و لحظةَ تخافين أخبريني"

صَدَحَتْ همساتُ ريكي فجأةً في استيعابِي ، ما كُنْتُ من قَبْلِها قدْ لاحَظْتُ تواجُدَه إلى قُرْبي ، ذلك لأنَّني انشَغَلْتُ بالرِّجالِ و ما ينتظرُون.
أخَذْتُ لوَهلَةٍ أعاينُ مَوقِفِنا ، نبعدُ عنهم بحيثُ يخبِّئنا ستارُ اللّيل ، و أرضُنا تعلو أرضَهم بشكلٍ ملحوظ ، كما لو كنّا فوقَ هضبةٍ تُطلُّ عليهم

_"بالمُناسبة..أنا لا أخاف"

_"طبعاً ، فعقلُ الجَوزةِ لا يخاف"

يبدو أنَّ تَصَنُّعي قد أضجَرَه ، فهو يعرِفُ حقيقَتِي جيِّداً ، ليسَ كمَن يخافُني من طُلَّابِ مَدَرَسَتِنا.
أخفَضْتُ رأسِيْ و تراجَعْتُ نحوَ الخلفِ خُطْوَتين ، لا أشعرُ بالحَرَجِ حقّاً ، لكنَّ سُقوطَ قناعِي أخافَني

_"لا أقصدُ أن أهينَكِ شيزو ، تعالِي و لا تُفوَّتِي المَشْهَدَ"

استَرَقْتُ النَّظَرَ إلى وجهِه ، كانَ جامِدَ الملامحِ لا يعبِّرُ عن أيِّ مَفهوم ؛ لكنَّ صَوْتَه صدرَ هادئاً مُريحاً ، كما أنَّ نداءه مُختَصِرَ اسمِي أرابَني ، لا يخاطِبُني أحدٌ على هذا النّحو ، فأنا لسْتُ إلى أحدٍ قريبة.
عُدْتُ أقتربُ أتابعُ المَشهدَ الذي ذَكَر ، وَجَدْتُ الرِّجالَ قدْ تجمَّعُوا يسدُّونَ بأجسادِهم بابَ الكَهف ، و سَمِعْتُ أصواتاً تتعالَى مُتباكِيةً يزيدُها شِدّةً فراغُ الكهف.
و فجأةً ، تراءى لي جسدٌ ضخمٌ توضَّحَ إذ قاربَ النّيران ، نمرٌ عملاقٌ يكادُ لحجمِه يُعتَبَرُ غُولاً ، و قد أحدثَ في جسَدِ كلٍّ منّا قشعريرةً لا تُوصَف ، كلٍّ عدا ريكي طبعاً

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن