28

308 38 24
                                    

كرةٌ تتقافزُ في أرجاءِ الصّالة ، و مضربان يتبعانِها أينَ ذهبَتْ ، و أصواتٌ يُصدِرُها كلُّ ما سبق ، جزءٌ عظيمٌ يعودُ من الذّاكرةِ ليكوِّنَ حاضراً عَطِراً ، في حضورِ ريكي.
ريكي في كُرَةِ المضربِ أقلُّ من مُبتَدِئ ، يعرفُ بقوانينِها مُجرّدةً من أساليبِ اللَّعبِ الصَّحيحةِ و السَّليمة ، يجهلُ على سبيلِ المثالِ طريقةَ التّعامُلِ مع المضربِ بينَ أصابعِه ، لكنَّه و على الرَّغمِ من هذا منافِسٌ عنيدٌ يطوِّرُ و بشكلٍ ملحوظٍ من لَعِبِه بمرورِ الدّقائق.
رمى المضرِبَ من يدِه لاهثاً ، ها هو الرّائي قَدْ استسلمَ أخيراً و بعدَ جولاتٍ عشرةٍ أمامَ قوّةِ فتاتِه ، القوّةِ التّي سبقَ و حاكَها بيديه راضياً

_"هل استسلَمْت؟"

_"ألا تكفيكِ كُلُّ هذه النّتيجةِ آنسة شيزوكا؟"

ابتسَمْتُ أغترُّ بنفسِي في سبيلٍ مُصطَنَع ، ثمَّ بعثَرْتُ دورِي أضحكُ وقتَما رأيْتُه يرمقُني مُنزَعِجاً ، وَ رُكَضْتُ ألحقُ به في دربِه نحو خارجِ الصّالة

_"ريكي! أين تتركُني؟"

توقَّفَ أمامَ البابِ يتفقَّدُ حالَ أثيرِ الخارج ، ثمَّ استدارَ نحوي يشكِّلُ ثغرُه شبيهاً بابتسامةٍ ، لا أصواتَ في الخارجِ على ما يبدو ، و هروبُنا سَتُحَلُّ مشاكِلُه في وقتِ اشتعالِها

_"تخافين أن أفعل؟"

_"و هل سوفَ تفعل؟"

_"سيأتي يومٌ و أفعل"

أخفَضْتُ عنه مُبصِرِي أحمي دواخلِي من استكشافِ صدقِ كلماتِه ، تعرفُ بأنَّه راحلٌ عنها يوماً ما ، بَيْدَ أنَّها لا تستقبلُ إيماناً بقدومِ هذا اليوم.
ما استشعَرْتُ قدومَه حتّى أمسى ماثلاً أمامِي ، كانَ قدْ مشى نحوي ببطءٍ مانعاً خطوَه من إصدارِ أصوات ، لا أميِّزُ أيَّ نسقٍ في التّعامُلِ يتَّخِذ ، و يتعِبُني التّفكيرُ في الأمر

_"لا تقلقِي ، لن تشعُرِي بأيِّ شيء"

استَبَقْتُه المُغادَرة ، و مَضيْتُ أتركُه واقفاً وحيداً إلى خارجِ الصّالةِ بلا وجهةٍ حقيقيّة ، عَبَرْتُ كلَّ الممرّاتِ الفارغة ، و توقَّفْتُ أخيراً في الفسحةِ أستنشقُ ما يبرِّدُ داخلِي ، أشعرُ بالحنق يكبرُ مزيداً على الحزن ، ما يزالُ ريكي يحرِّكُ مشاعرِي كما شاءَ و في الاتّجاهِ الذي شاء ، و أنا أشاهِدُه ساكنة

_"فيمَ تفكّرين؟"

شَهَقْتُ فَزِعة ، نشأ صوتُه في مُحيطِ عقلِي بغيرِ استئذان ، يشابِهُ في ظهورِه مكانَتَه في حياتِي ، كما يشابِهُ أساليبَه في غرابَتِها.
تقدَّمَ هو حتّى بِتْنا نواجِهُ بعضَنا البعض ، يعرضُ على مرآي جمالَ لينِ ملامِحِه ، و يشاهدُ تخبُّطَ ملامحِي أنا ؛ ما أحسَسْتُ به إذ كانَ يتبَعُني ، فَقَدْ أودَعَ على إحساسِي كلامُه غاشيةً من سوادٍ ما تركَني في حياتِي إلّا قليلاً

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن