24

326 43 40
                                    

وافَقَتِ الأحداثُ سابقَ توقُّعِي بفعلِ الطَّرد ، و خالَفَتْه بالفاعلِ و دافعِه ، كما أضافَتْ إليه شريكاً ، و هو الرّائي.
اندَفَعْتُ أمامَ عينيه أغادرُ أيَّ حديثٍ مُستفزٍّ قَدْ يُخلَقُ فيما بيننا ، لا أريدُ لورودِ ذكراه العَطِرَةِ أن تذبلَ أو تفنى ، أريدُ لها و على الدّوامِ أن تُحيي بحضورِها فرحَ داخلِي المُهدَرَ في طيّاتِ روتين كلِّ يوم

_"عنيدة"

استوقفَني نعتُه العجيبُ وقتَما أُعيدَ ارتدادُ صداه إلى عقلِي ، و أجبرَني على العودةِ مُصغرةً إلى حيثُ يقفُ بغيرِ تفكير ، أجهلُ إمكانيّةَ تشويهِ صورَتِه في بالِي ، إلّا أنَّني أجهلُ كذلك ما يريد ، و للثّاني منحىً ذو أهميّةٍ تفوقُ أهميّةَ الأوّل

_"ماذا تريد؟"

_"أهذا ما تعلَّمْتِ؟"

جمعَ ساعديه أمامَ صدرِه ، و شدَّ على ملامحِه بحيثُ تعلنُ استياءَه ، ثمَّ و إثرَ لحظاتٍ ما استقبلَ منِّي فيها ردَّ فعل ، أمسكَ إحدى يديَّ و سارَ بغيرِ كلامٍ يجرُّني إلى قُربِه

_"ما بك!؟"

_"لا تخذليني أكثر ، هذا يكفي ، أبقِي لسانَكِ في فمِكِ"

لا يوجدُ في رأسِي أيُّ تفسيرٍ لما يفعل ، ألا يحوي استيعابُه كم تجرحُني كلماتُه؟ ألا يفقَهُ كم هي مؤذية؟
سَحَبْتُ يدي من احتجازِه سريعاً ، ثمَّ و من بعدِ ما تَرَكْتُ عينيَّ تُعبِّران أمامَ عينيه عنِّي ، تَرَكْتُ جهتَه و رُحْتُ أسيرُ في الاتّجاهِ المُعاكس ، ها قَدْ بدأَتْ زهورُه تذبل ، لذا توجَّبَ عليَّ حمايةُ ما تبقّى

_"إلى أين؟"

احتجزَ جسدُه طريقِي بسرعةِ انتقالٍ ما فُهِمَتْ ، كلماتُه تصلُ فَهمِي على أنَّها نتاجُ رغبةٍ في رأسِه بألّا يراني مرّةً أُخرى ، أمّا حركاتُه فتناقِضُها ، تُبيِّنُ أمنيةً بألّا أبعُدَ من عينيه و لو قليلاً

_"إلى أيِّ مكانٍ لَسْتَ فيه ، أنتَ من يخذلُني ريكي"

أظهرَ ثغرُه ابتسامةً مُخادِعةً خبيثة ، ليسَ و كأنَّه سَمِعَ حرفاً ممّا قُلْت ، ليسَ و كأنَّ عقلَه يتجاوبُ معي في ذاتِ الزّمانِ و المكان.
تحرَّكْتُ إلى جهةِ اليمينِ منه أحاولُ الهرب ، فعادَ يقتطعُ عليّ طريقي ، و قَدْ تركَ عنه الابتسامةَ المُستفزّة ، و أحلَّ مكانَها ركوداً لا يزيدُها جودةً

_"جَرَحَتْكِ كلماتِي؟ ألم تُفكِّرِي في أُمِّكِ وقتَما أخبَرْتِها بأنَّكِ تُفضِّلين الموتَ على العيشِ معها؟ هاه؟"

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن