35

246 29 15
                                    

لم يُخبِرْني ريكي بأيِّ شيءٍ من بعدِ ما غادرَ أكيرا ، و لكنَّني اكتشَفْتُ ما ينبغي عليَّ اكتشافُه بغيرِ معونَتِه ، اكتَشَفْتُ أنَّ ابنَ عمِّه هذا لا يحملُ نيّةً سليمةً في أمرِ أُختِي ، و قَدْ يؤذيها هدفُه المجهولُ هذا.
دَلَفْتُ إلى البيتِ وحيدةً أشكو ثقلَ أفكارِي ، لا يحوي و على العادةِ أحداً ، غَيْرَ أنَّ هذه الحقيقةَ و لأوَّلِ مرّةٍ باتَتْ مُخيفةً ، أعني الشَّقَّ المُتعلِّقَ بإيروكا ، ذلك لأنَّني لا أعرفُ حقيقةَ ما جرى بينها و بين أكيرا ، و قَدْ تحدَّثَ الأخيرُ عنها على نحوٍ مُستَفِزٍّ غريب.
توجَّهْتُ نحو المطبخِ أوَّلاً أملأ بشربِ الماءِ بعضاً من فراغِ وقتِي ، ثمَّ نحو غُرفَتِي ، حيثُ قرَّرْتُ تركَ كُلِّ شيءٍ على حالِه ، و ارتمَيْتُ فوقَ السَّريرِ أبحثُ عن راحَتِي.
لم أنم على نحوٍ سليمٍ منذُ فترة ، و هذا يرهقُ إلى حدٍّ ما جسدِي ، و قَدْ يعوِّقُني عن أداءٍ مُشرِّفٍ في مباراةِ الغدّ.
ما فَتِئتِ العتمةُ تزورُ بصرِي ، و إذْ بصدى صوتِ البابِ يبدِّدُها ، يبدو أنَّ واحدةً من أُمّي أو إيروكا قد عادَتْ.
نَهَضْتُ على استعجالٍ أتحقَّقُ من هويّةِ القادم ، فظهرَتِ المُتمنّاةُ تحتجزُ المدخلَ منشغلةً بمكالمةٍ هاتفيّة ، سِرْتُ نحوَها أحجزُ لي دوراً ما بين اهتماماتِها ، فتبسَّمَتْ لي ، و أشارَتْ لي نحو هاتفِها مُفعمةً بحماسٍ لا يُطاق ، لا يطاقُ لأنَّ إحساسِي ينذرُني إزاءَ تواجُدِه بما هو سيّء

_"نعم بالتّأكيدِ سنعودُ و نلتقي! شكراً لك!"

أنهَتِ المُكالمةَ ثمَّ قفزَتْ نحوي تحتضنني ، أخافُ فرحَها المَزيدَ هذا ، و أخافُ نتائجَ أملٍ مشتعلٍ لأجلِ هكذا حُبٍّ منتهٍ ، أخشى على قلبِ أُختِي من شابٍّ مخادعِ الهالةِ غريبِ الأطوار

_"أكنتِ تكلِّمين.. أكيرا؟"

_"نعم! نعم هو! لقَدْ رأيتُه اليومَ أتصدِّقين!؟"

تردَّدَ في داخلِي استعجابُ ما قالَتْ ، و لمَ قد لا أصدِّقُ أنَّها رأَتْه مثلاً؟ أهو ديناصورٌ أم حيوانٌ مُنقَرِض؟
لنقل أنَّه شبيهٌ بالزّواحفِ الكبيرة ، لكنَّه غيرُ منقرض ، فأشباهُه كُثُر.
أظهَرْتُ ابتسامةً مُجاملة ، أكادُ أجزمُ و بغيرِ أن أراها بأنَّها فاشلة ، فأنا ما جامَلْتُ في يومٍ أحداً ، و ليسَتْ لديَّ أيُّ خبرةٍ في هذا المجال.
ثمَّ توجَّهْتُ و هي نحو غرفةِ الجلوسِ الوحيدةِ في البيتِ كي تحكي لي مُجرياتِ يومِها ، و تسألَني إبلاغَها بمجرياتِ يومي ، عادةٌ اكتسبناها حديثاً ، و بفضلِ العزيزِ ريكي ، و قد باتَتْ تمدُّني براحةٍ لا تُوصَف

_"اتّصلَ بي صباحَ اليوم ، و طلبَ منِّي أن أتعجَّلَ في لقائنا ، كان جميلاً جدّاً! ليتَكِ رأيتِه!"

تنهَّدْتُ في سرِّي أحافظُ على حالِ وجهِي الكذوب ، و عُدْتُ في ذاكِرَتِي إلى صورَتِه ، ليسَ جميلاً إلى حدِّ وصفِها ، أنفُه ناعمٌ مرفوعٌ إلى أعلى ، شفاهُه ممتلئةٌ تسترُ شيئاً من كبرِ أسنانِه ، و عيونُه صغيرةٌ غائرةٌ في خدَّين منحوتين.
يزيدُه ريكي جمالاً في رأيي ، و حتّى صديقُ إيروكا طالبُ الطِّبّ ، كُلُّ شابٍّ في مُحيطِ أختي يبدو أرقَّ و ألطف ، في حينِ يبدو هو متكبِّراً مُغترّاً بجاذبيّةِ هالَتِه.
ضَرَبَتْ على يدِي فجأةً توقِظُني ، يبدو أنَّني غفلْتُ عنها و غرقْتُ في أفكارِي عن غيرِ قصد

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن