15

389 53 31
                                    

غروبُ يومٍ صيفيّ ، و مراهقون يتجمهرون قبالةَ متجرِ حلويّاتٍ كانَتْ تعملُ فيه أُختِي ، ما كُنْتُ في بدايةِ القصّةِ قدْ اهتمَمْتُ بأمرِهم ، و هم كلُّ هَمِّي الآن.
شعرِي طويلٌ مرفوعٌ إلى أعلى ، و أحملُ إلى كتفِي حافظةَ مضربِي عائدةً من آخرِ تمرينِ كرةِ مضرب.
شيزوكا بطلةُ المدينةِ في كرةِ المضربِ لليافعين ، هذا ما كانَ عليه اسمِي و قبيلَ ثوانٍ من هذه الحادثة ، الجميعُ يحبُّها و يحترمُها ، و فقط لأنَّها حملَتْ كأساً ذهبيّة.
حاوَلْتُ ألّا أعطي المجموعةَ أيَّ انتباهٍ في طريقِي نحوَ داخلِ المتجر ، إلّا أنَّهم قد تخيَّرُوا طريقاً سيِّئاً.
وقفَ شابٌّ طويلٌ أمامَ البابِ يتحدّاني ، فاسترَقْتُ النَّظرَ عبرَ زجاجِ واجهةِ المتجرِ أبحثُ عن أختِي ، و في تلكَ اللّحظةِ أدرَكْت ، لا أحدَ في الدّاخل ، و لا أحدَ يقفُ في صفِّي إذا ما حاولُوا إيذائي

_"خَيْراً؟"

_"كلُّ الخَيْر ، كلُّ الخَيْرِ يا بطلةَ المدينة!"

التفتُّ إلى حيثُ صَدَرَ الصَّوت ، وَجَدْتُ فتاةً ملابسُها تحلُّ مشاكلَ عائلتِي الإقتصاديّةِ برمَّتِها ، مُترَفةٌ إلى حدٍّ مُقرِف.
بعدَ بعضِ التّركيزِ عَرَفْتُها ، لاعبةٌ أقصَيْتُها في نصفِ نهائيِّ البطولة ، و قَدْ توعَّدَتْني على غيرِ عادةِ المُنافساتِ بالأذيّةِ بعدَ المُباراة.
دفَعَتْني يدُها بِرِفق ، ليسَ رفقاً بي ، بل بأظافرِها المطليّةِ و المُركَّبةِ حديثاً ، ثمَّ أمرَتْ بتعالٍ كلابَها _أعني مجموعَتَها_ بتولّي أمرِي و غادرَتْ إلى سيّارَتِها.
دفعَني أحدُهم أرضاً حالَ وصلَتْ ، و أخذوا ضاحكين يركلونني..

_"أكرهُ هذا المشهدَ ريكي! أرجوكَ أوقِفْه!"

ما أنصتَ إلى ما قُلْتُ ريكي ، و ما توقَّفَ المشهد.
التقطَ الشّابُّ الطّويلُ حافظةَ المضربِ و حرَّرَه ، ثمَّ و ببطءٍ حاقدٍ كسرَه أمامَ عينيّ ؛ ما زادَه رجائي إلّا سُخريةً ، فهم ليسوا يشعرون ، ليسوا يرون ، ليس في صدورِهم نابضٌ حارّ ، ليسوا يعرفون غيرَ الأذيّة.
تَعِبْتُ كثيراً في انتظارِ جمعِ مصروفِي حتّى باتَ يُغطّي ثمنَ هذا المضرب ، فمرتَّبُ والدَتِي يكادُ لا يكفي قوتَنا ، و أيُّ مصروفٍ إضافيٍّ قادرٌ على أن يكسرَ ظهرَها ، إلّا أنَّ واحدَهم ما استطاعَ رؤيةَ شيءٍ كهذا ، فالعائلةُ و المالُ في اعتبارِهم دونَ قيمة ، العائلةُ ما عاشوا معها ، و المالُ يأتي و يذهبُ بسهولة.
تفرَّقُوا من بعدِ ما أُغرِقَتْ بدموعِي الأرض ، و انصرَفُوا تاركين قلبِي أجزاؤُه تحرقُ بلهيبِها الحياةَ في رؤيَتِي.
نَهَضْتُ بعدَ دقائقٍ مُستثقِلةً ضعفِي ، حَمَلْتُ قطعَ المضربِ و حافظتَه ، ثمَّ رَمَيْتُ كلَّ شيءٍ في حاويةِ مُخلَّفاتٍ قريبة ، رَمَيْتُ حتّى شيزوكا.
رتَّبْتُ ملابِسِي كيفَما استطَعْت ، و تسلَّلْتُ إلى البيتِ دونَ أن يلاحظَني أحد ، كانَ البيتُ و لحسنُ حظِّ أفكارِي فارغاً من النّاس ، أمّي في العمل ، و أختي لم أعرفْ أين هي.
مَرَرْتُ على غُرفَتِي أحضرُ ملابسَ نظيفة ، ثمَّ دَلَفْتُ إلى الحمّامِ أحاولُ إزالةَ آثارِ ما حدث ، و لكنَّني و قبلَ أن أبدأ ببدني ، أخَذْتُ أتابعُ انعكاسَ وجهِي في المرآة ، شيزوكا هذه ضعيفةٌ غبيّةٌ مثيرةٌ للشّفقة ، وَصَلَتْ أحلامُها مرحلةَ الأذيّة ، و ما استطاعَتْ الدّفاعَ عن نفسِها أو عنها.
لا يجبُ أن أكونَ على هذه الشّاكلة ، يجبُ أن أكونَ قويّة!
بَحَثْتُ في الحمّامِ عن شيءٍ حادّ ، وَجَدْتُ شفرةَ حلاقةٍ قديمةً في أحدِ الدّروجِ المُهملةِ خلَّفَها على ما أظنُّ المُستأجِرُ الأسبق.
كَسَرْتُها أحاولُ استخراجَ الأداةِ الحادّةِ منها ، فجرَحْتُ يدي بها و دونَ أن أصلَ ممّا أرَدْتُ شيئاً.
أَخَذْتُ أراقبُ الدّماءَ تتدفَّقُ من جُرحِي لبرهة ، ثمَّ و حالَ اتَّحدَتْ آلامِي بذكرى ما حدثَ انهارَتْ القوّةُ التّي بها جئت ، و رُحْتُ أبكي خارجةً عن الوعي و أمرِّرُ الشّفرةَ منفعلةً في شعرِي.
خصلاتُ شعرٍ مُضمَّخةٌ بالدَّمِ و الدُّموعِ فوقَ أرضٍ باردة ، هذه هي اللَّوحةُ النّهائيّة

_"تريدين أن تكوني قويّة ، لهذا تضايقين الطُّلّابَ و الأساتذة؟"

_"نعم.. أنا غبيّةٌ إلى هذا الحدّ"

انشقَّتْ اللَّوحةُ بالإجبار ، فَقَدْ مرَّرَ ريكي أصابعَه فوقَ أجفانِي لتنفصل.
عُدْتُ معَه إلى بيتِه بعدَ المدرسة ، قالَ أنَّه يريدُني في شيء ، و منزلُه خالٍ في هذا الوقت.
ما بدا لي سعيداً ، كانَ وجهُه راكداً ، أرى أنَّني أزعَجْتُه في شيء ، أرى أنَّ اكتشافَ حقيقَتِي و على ما هو متوقَّعٌ سيدفَعُه لتركي ، على خلافِ ما وعدَ به سابقاً

_"من قالَ أنَّكِ ضعيفة؟"

_"الحادثة.."

_"أكبرُ الأشدّاءِ لن يتصدّى لمجموعة"

ابتعدَ من حيثُ أجلس ، و راحَ عبرَ نافذةٍ مقابلةٍ يراقبُ الخارجَ شارداً.
نَهَضْتُ رغبةً في أن أودِّعَه حيثُ يقفُ و أرحلَ دون إزعاج ، لكنَّه توجَّه نحوي حالَما وَقَفْت ، تمسَّكَ بيديّ ، و سمحَ لابتسامةٍ رقيقةٍ بسيطةٍ بأن تحتلَّ مظهرَ وجهِه فالنّبضَ في صدرِي ، أشعرُ بقلبِي لأوّلِ مرّة ، ليسَ و كأنَّه يختبئ بين أضلُعِي مُذ وُلِدْت

_"أنا فخورٌ بكِ"

_"فخور؟"

_"أنتِ قويّةٌ أصلاً ، لا تحتاجين هذه البدعَ التّافهة"

أخفَضْتُ رأسِي أوارِي احمرارَ وجهِي ، ليسَ في استطاعَتِي التّفكير ، عاجزةٌ أمامَ إرهاقِ شعورِي.
احتوى دفءُ راحتيه كفَّيَّ فجأةً فزادَ اضطرابِي ، رَفَعْتُ إليه ناظريَّ فوَجدْتُه ينتظرُهما ، أيستقصدُ قَتلِي!

_"لن تُخفِي عنّي شيئاً ، و سوفَ تثقين بنفسِكِ ، عديني شيزو"

_"سأحاول.."

_"لن تحاولِي ، بل ستفعلين ، هيّا ، عديني"

ضغطَ على قبضَتِه يشدُّ على يديّ ، مُصِرٌّ على أن يتمَّ الوعد ، و قَدْ حدثَ و أثبتَ لي الأخطاءَ في ما أفعل ، لذا سوفَ أعدُه ، سوفَ أفعلُ أيَّ ما يريد!

_"أعدُك"

.
🪄
.
🪄
.
🪄
.
🎩يتبع🎩

أحبكم أحبكم أحبكم😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭💓💓💓💓💓💓💓💓💓💓💓💓
كان من قبل صعب صدق ، بس اليوم و بفضل وجودكم ، هاد المشروع البسيط و بعد فتيان النجوم عم يحسسني بأهميته و أهميتي ، شكرا لمحبتكم😭😭😭💞💞💞💞💞💞💞
شكرا من كل قلبي🥺🥺😭😭😭💞💞💞💞
شكرا شكرا شكرااا😭😭😭💞💞💞💞💞💞💞

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن