أراقبُ السّاعةَ في غُرفَتِي برأسٍ فارغ ، مضى مَوْعِدُ ريكي منذُ ساعةٍ و ما جاءَ واضِعُه بعد ، و إيروكا قَدْ نامَتْ باكراً فما استطَعْتُ استشارَتَها في شيءٍ أو سؤالَها عن مُستَجِدّاتِ حياتِها ؛ عجزِيَ الأخيرُ يزيدُ الأوّلَ صعوبةً ، فَقَدْ بِتُّ حديثاً أخشى عليها من موعدِ أكيرا القريب ، بِتُّ أخشى أن أفقدَ بسببِه حلاوةَ ضحكَتِها.
أشعرُ بحركةِ العقاربِ تتباطأ و تتسارعُ مع مرورِ الوقت ، ثمَّ استحالَتْ عليَّ رؤيتُها صعبةً إلى حدٍّ ما ، فَقَدْ غَرِقَتْ كاملُ السّاعةِ في عتمةٍ مُتخلخلة ، ثبتَتْ بمرورِ دقائقَ و ما عُدْتُ أشعرُ بها_"طالبةٌ عليها الاستيقاظُ مُبكِّراً ، و لا تنامُ حتّى الآن ، ما الذّي يشغَلُكِ آنسة شيزو؟"
تشكَّلَ طيفُ ريكي حالَما تعرَّفْتُ إلى صوتِه ، لم يُغيِّر في عبوسِ وجهِه الأخيرِ أيَّ شيء ، ما يزالُ يطابقُ آخرَ صورةٍ له في الذّاكرةِ ، ليسَ و كأنَّ ساعاتٍ من الانتظارِ خلَّفَتْها
_"أُمّي؟ تشبهين ريكي حقّاً"
لا أعرفُ لو كانَ ما أخوضُه حُلماً ، لكنَّني أفترضُ بأنَّه و حتّى لو كانَ في رأسِي كذلك ، فعلمُ ريكي سوفَ يحيطُ به عاجلاً أو آجلاً ، و لذا يجبُ أن يسمعَ كلماتٍ كهذه ، يجبُ أن أُعلِمَه بالأخطاءِ التّي يرتكبُ في حقِّ مثاليّةِ صورَتِه في فكرِي.
ضمَّ ذراعيه ساكناً ، و ما أعطى بالاً لما قُلْت ، ليسَ و كأنَّه سمعَ منه حرفاً_"أما طَلَبْتُ رؤيتَكِ عندَ منتصفِ اللّيل؟"
_"بلى.. و لذا ما نِمْتُ حتّى الآن ، كنتُ أنتظرُ أن تتواصلَ معِي"
لانَ وجهُه بعضَ الشّيء ، فتيسَّرَتْ عليَّ مُحادَثَتُه ، و لكنَّه و للمرّةِ الثّانيةِ ما أنصَتْ ، و أخذَ يُحرِّكُ اللّوحةَ من حولِنا حتّى أمسَتْ بسرعةٍ ما اعتيدَتْ شارعاً شعبيّاً ، مُكتظّاً بالمارّةِ و المحالّ و الباعة ، تنتشرُ فيه على مدِّ النَّظرِ عرباتُ البضاعةِ و لا مكانَ فيه لأقدامَ حديثة.
احتجزَ بينَ أصابعِه يدِي ، فَزِدْتُ به تمسُّكاً أهابُ الضّياعَ عنه ، أتغافلُ عن كونِ ما نخوضُه حلماً من صنعِه ، و يستطيعُ في خضمِّ أحداثِه أن يحرِّكَني حيثُ يشاء.
سارَ بي من بينِ الجموعِ الغفيرةِ دونَ عوائق ، و سمحَ لي بمشاهدةِ قصصٍ كثيرةٍ لا يزيدُ عرضُ كلٍّ منها عن الدّقيقةِ الواحدةِ وقتاً ، و تُترَكُ مهمّةُ متابعةِ أهمِّها لخيالِي.
شاهَدْتُ نساءً قويّاتٍ يقاتلن باعةً لأجلِ قرشٍ و اثنين ، و أُخرياتٍ ضعيفاتٍ ينصَعْن لما يُملى عليهنّ ، شاهَدْتُ أزواجاً تتشاجرُ في عُرضِ الشّارع ، و رجالاً يناقشون في جودةِ البضاعة ، كما شاهَدْتُ فقراءَ مُتخفِّين يرجون شيئاً من الرَّحمة ؛ بدا لي هذا السُّوقُ مضمارَ سباقٍ تارةً ، و ساحةَ حربٍ طاحنةٍ تارةً أُخرى.
توقَّفَ بنا ريكي في منتصفِ الطّريق ، لا أعرفُ لو كانَ قَدْ تلفَّظَ بأيِّ شيء ، فمسمَعِي مشغولٌ بالضّجّةِ العظيمةِ من حولِنا ، لا أميِّزُ فيها ما يغايرُ صوتَ بكاءِ الأطفال ، و نعيق الغربان.
و فجأةً ، توقَّفَتْ الأصوات ، ثمَّ غابَتْ الصُّورةُ تماماً ، و حضرَتْ غيرُها كما البرق ، بِتُّ و دونَ استيعابِي في وسطِ مركزٍ تجاريٍّ ضخم ، يحوي غيرَنا أقليّة.
عادَ ريكي يسيِّرُني ، و لكنَّه و لوسعِ المكانِ و فروغِه باتَ أسرع ؛ شاهَدْتُ أقمشةً شبيهةً بالتّي في السّوقِ تختلفُ عنها بنحوِ التّوضيبِ و تفوقُها سعراً بشكلٍ لا يُصدَّق ، رأيتُ كذلك أغذيةً مُنوَّعة و بضائعَ كثيرة ، تختلفُ بذاتِ الاختلافِ السّابقِ عن أغذيةِ و بضائع السُّوق.
أمّا النّظامُ في هذا المُجمَّع فمختلفٌ تماماً ، الوقتُ مدروس ، و الشّراءُ منظَّم ، لا أحدَ يناقشُ الأسعار ، و لا أحدَ يقاتلُ أو يصرخ ، كلٌّ يلتزمُ دورَه ، و الهدوءُ عامّ.
اختارَ لنا ريكي بعدَ وقتٍ طاولةً في أحدِ المقاهي نجلسُ إليها ، فتجاوَبْتُ مع إيماءاتِه بلا اعتراضٍ و جلَسْت ، أخذَ أخيراً ينظرُ في وجهِي دونَ انزعاج ، كُنْتُ قَدْ اشتَقْتُ إلى صفاءِ عينيه حقّاً
أنت تقرأ
الرَّائي~نيشيمورا ريكي
Fanfictionتجربةٌ جديدةٌ فريدة ؛ لم يسبقْ و توقّعتُ في عالمِنا تواجدَ قدرةٍ كهذِه و في يدِ فتىً مثلَ ريكي ، و لكنَّه يحيطُ علماً بكلّ ما آلتْ و ستؤول إليه حاليَ أنا! Riki🎩 Shizu✨ لا تستسلمي شيزو ، ما تزالُ الفرصةُ سانحةً دوماً لتحويلِ ركامِ حياتِنا إلى جنّة ؛...