12

419 55 23
                                    

أوصلَني ريكي بابَ بيتِنا و غادر ، قالَ أنَّه عائدٌ و يجبُ عليَّ انتظارُه جالسةً في مكانٍ آمنٍ لا يراني فيه أحد و يسنِدُ جسدي إذ تبدأ الرّحلة.
دَخَلْتُ البيتَ و رَكَضْتُ إلى غُرفَتِي أتجاهلُ النداءاتِ من حَولي ، أوصَدْتُ البابَ أصدُّ الجميعَ عنّي من بعدِ ما وَصَلْت ، و ارتمَيْتُ فوقَ السَّريرِ من ثمَّ.
أغمَضْتُ عينيَّ أنتظرُ المجهولَ دون صَبر ، و ما تأخَّرَ عليّ في الحضورِ صوتُ ريكي

_"مُستَعِدّة؟"

همهمْتُ ، مرَّتْ ثوانٍ عليَّ غريبةٌ من بعدِ ما فَعَلْت ، ما لَحِظْتُ خلالَها ما يحدث ، و لكنَّني و أخيراً عَرَفْت ، العتمةُ خلفَ ستارِ جَفنيَّ ما عادَتْ تخلجُ أو تهتزّ ، و قد تمازجَ مع أسوَدِها شيءٌ من اللّونِ الأزرق حتّى باتَتْ أقربَ إلى لونِ الفضاءِ حولَ الأرضِ في صُورِ الإعلام.
و مع مرورِ الوقت ، جَعَلَتْ بعضُ النِّقاطِ تسطَعُ بيضاءَ ذهبيّةً في لوحةِ المرأى ، حتّى تجاوَزَتِ المعقولَ عدداً ، أخذَتِ القريبةُ منها تكبرُ و تتباين ، إحداها كَبُرَتْ و تذهَّبَتْ أكثرَ من البقيّة ، تلك هي الشّمس على حدِّ علمِي ، و أخرياتٌ بدأنَ يتمايزْنَ بألوانٍ جديدةٍ حتّى اتّخذَتْ كلٌّ تعريفَ كوكبٍ مُختَلِف ، و أخيراً ، اكتملَتْ لوحةُ المجرّةِ عظيمةً تظهرُ فيها بقعٌ سوداءُ بعيدة ، و كواكبُ ملوَّنةٌ و أجسامٌ غريبةُ الأشكالِ و الأحجامِ تتطايرُ في كلِّ ما حَولِي.
ما كانَ الأمرُ هيِّنَ المرورِ على عقلِي ، فأنا ما توقَّعْتُ أن أخابرَ في حياتِي كلِّها مثيلاً له ، عظيمٌ لا يُوصَف!

_"أليسَ لطيفاً؟"

_"بل عظيم"

أجَبْتُه تائهاً عقلِي في أرجاءِ المظهر ، لا أعرفُ أيَّ شيءٍ أميِّزُ بالتّأمُّل ، و أخافُ فقدانَه دون شبع.
لمسَ كتفِي الأيمنَ كي أمدَّ وجودَه اهتماماً ، فَفَعلْت ، وَجَدْتُنا في الفضاءِ عائمين كما لو كنّا مجرَّدَ طفلين حالمين ، ابتسَمْتُ أجهلُ ما أفعل ، ثمَّ استَجَبْتُ له إذ طلبَ التقاطَ يدي.
تحرَّكَ يسحبُني نحو الأمام ، و سارَ بي عبرَ النُّجومِ كنزاً مُضيئاً ، بدَتِ الشُّعلةُ الصّادرةُ عن طريقِنا عجيبةً مُخيفةً بادئ ذي بدء ، ثمَّ استحالَتْ سِحراً عظيمَ المأثَر.
اقتربَ من الأرضِ ، ثمَّ أدخلَنا في جوِّها ، طِرْنا فوقَ إحدى البُلدان ، و على الرَّغمِ من أنَّنا كنّا بعيدين جدّاً ، إلّا أنَّني استَطَعْتُ رؤيةَ النّاسِ يشيرون إلينا من بعيد ، كما سمِعْتُهم يحمِّلون مسيرَنا بأمنياتٍ تحتجزُ قلوبُهم ، و لا يريدون لمخلوقٍ غيرِنا أن يعرفَ بتواجُدِ أملِ إحقاقِها.
منهم من يريدُ ألعاباً ، و منهم من يريدُ مالاً ، و منهم من يسألُنا إيصالَ أمنيتِه في رأفةِ القدر.
أحسَسْتُ و لأوَّلِ مرّةٍ بأنَّني غالية ، بأنَّني و مع أنَّ أحداً لا يعرفُ من أنا ، محبوبةُ الحضورِ لطيفةُ الأثر ، و كلُّ هذا بفضلِ ريكي وحدَه ، شهابِي الوحيد!
توقَّفَ بعدَ بُرهة ، ثمَّ هبطَ بنا الأرضَ باسِماً دون مقدِّماتٍ أو طريقٍ إليها ، أرضاً تفرغُ من أيِّ شيءٍ عدا الأرضيّةِ المُعبَّدة.
صفَّقَ بيديه حالَ لَحِظَ استغرابِي ، فأظهرَ من العَدَمِ مرآةً ضخمة ، و أشارَ إليها بحاجبيه.
وجَّهْتُ إليها انتباهِي ، فرأيْتُ فتاةً جميلةً بفستانٍ ذهبيٍّ و شعرٍ طويل ، و بعدَ بعض التّمحيصِ وَجَدْتُها تشبِهُني جدّاً ، يحملُ وجهُها ذاتَ ملامحِي ، لكنَّها أجمل بكثير

_"هذه أنتِ ، و لكن مع بعضِ الاهتمام ، لَسْتِ قبيحةً شيزو ، أنتِ أجملُ فتاةٍ رأيْتُها"

غَطَّيْتُ بكفِّي فاهي المشدوه ، ثمَّ نَظَرْتُ إلى ريكي و قد فاضَتْ بالدُّموعِ مُقلَتيّ ، يكادُ قلبِي يتوقَّف ، فهو ما اعتادَ في يومٍ مجابهةَ سعادةٍ كهذه

_"و هذه"

_"ما هذه؟"

مدَّ ورقةً أظهرَها كما المرآة ، فتناولْتُها مستفهمة ، ورقةُ امتحانٍ كُتِبَ عليها اسمِي ، إلى جانبِ علامةٍ كاملة

_"هذه النّتيجةُ لو أنَّكِ تدرسين ، أنتِ الأفضلُ شيزو"

_"يا إلهي توقَّف!"

أصدرَ قهقهةً حُلوةً تمنَّيْتُ لو استطَعْتُ رؤيتَه في أثنائها ، فَقَد خبَّأْتُ وجهي بينَ يديَّ حَرَجاً من بعدِ ما صَرَخْت.
شعَرَتُ به يقترب ، بيدِه تلامسُ كتفي مرّةً أُخرى ، ثمَّ بأنفاسِه تضاربُ شيئاً من وجهِي المُحمَّر

_"كانَتْ أمُّكِ تبكي خوفاً ، رأَيْتُها"

_"أحقّاً؟"

_"خِفْتُ عليكِ أيضاً ، لا تتهوَّري مُجدَّداً"

.
🪄
.
🪄
.
🪄
.
🎩يتبع🎩

لاااففففف😭😭❤️❤️❤️
شكرا كتير على محبتكم🥺🥺😭😭😭❤️❤️❤️❤️❤️
احبكم انا كثيييررر🥺😭😭❤️❤️❤️

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن