38

267 35 29
                                    

ما استطَعْتُ في هذه المرّةِ أن أردعَ دموعِي ، مستوى لعبِي قبلَ المُسابقةِ لا يُقارَنُ به اليوم ، و لذا ما توقَّعْتُ أبداً أن أصلَ هذا الحدّ ، حَدَّ التّأهُّلِ إلى النّهائيّ.
رمَيْتُ بشريكي _أعني المضرب_ جانباً و جرَيْتُ أعانقُ أُختي ، كانَتْ أوّلَ الواصلين إلى حيِّزِي وقتَ إعلانِ النّهاية ، و قَدْ احتوَتْ معي بين يديها دموعاً مجهولة ، مجهولةَ المصدرِ مجهولةَ الأهدافِ و المشاعر ، أدمعُنا اختلطَتْ ، كما اختلطَتْ مشاعرُ كلٍّ منّا.
عالمِي و على حينِ غرّة ، باتَ أجملَ بآلافِ المرّات ، هذه و مع احترامِي لقادمِ الأيّامِ أجملُ لحظةٍ مرَّتْ عليّ مُذْ كُسِرَ مضربِي ، فهي اللّحظةُ المُفاجئة ، اللّحظةُ الأُولى التّي تُقارَنُ بآخرِ لحظةٍ ورديّة ، اللّحظةُ التّي أفقدَتْني كُلَّ قدرةٍ على التّعبير ، و أحالَتْ كلامِي هراءً بعيداً عن المنطق

_"شيزوكا.. أنتِ رائعة!"

ابتَعَدْتُ منها دون تركِ يديها ، و رُحْتُ أضحكُ منّا ، أضحكُ من تشابُهِ أحوالِنا و اتّصافاتِها ، ها هي مثلي تبكي ، و لا تعرفُ أبداً سبيلاً عاقلاً لما تقول ، تقولُ ما في بالِها و فقط كي تفعل.
و فجأةً و من بعدِ ما ابتَعَدْت ، لمعَتْ في رؤيَتِي صورةُ ريكي ، لم أكن قد غَفَلْتُ عنه طبعاً ، و لكنَّها إيروكا و حماسُها ، قَدْ حالا دونَ أن أراه إلى جانبي.
وجهُه بدا دافئاً إلى حدٍّ مريح ، فرحُه هادئٌ لا يحملُ من الرّعونةِ شيئاً ، و لوهلة ، ألحظُ في عينيه همّةَ ذرفِ الدّموعِ.
أفلتَتْ إيروكا يديَّ إذ لاحظَتْ صمتَنا ، ثمَّ رفعَتْ لنا هاتفَها تتَّخِذُه عُذراً كي تغادرَنا لبضعِ الوقت ، هزَزْتُ برأسِي ، في حينِ ما تحرَّكَتْ عينا ريكي من عليّ ، و ما تحرَّكَتْ معالمُ وجهِه إلى أن انصرفَتْ أُختي و غابَ ظلُّها

_"هل أنتَ.."

_"أنتِ بطلَتِي"

قاطعَ اكتمالَ سؤالِي و تجاهلَ أمرَه ، ثمَّ مدَّ يدَه نحوي ، فتمسَّكْتُ بها قلقة ، و تجاوَبْتُ معَ سحبِها لي نحوَ حضنِه.
لم أعرف ما في خاطرِه من أفكار ، كلُّ ما في الأمرِ أنَّني غيرُ مُرتاحةٍ إزاءَ ثباتِه الغائبِ في آخرِ فترة ، أصبحَ هادئاً فوقَ العادةِ يتجاهلُ المُحادثاتِ و يقلِّلُ من الكلام ، أصبحَ لا يوبِّخُني ، و ما عادَ يأخذُني في رحلاتٍ أو يزورُني في غفلاتي ، يُصرُّ على التّدريبِ بلا غيرِه ، و حتّى في أثناءِ التّدريبات ، أصبحَ خافتاً جدِّيّاً.
بدأتُ بعدَ مرورِ هنيهةٍ أشعرُ باشتدادِ قبضَتِه حولِي ، و باندفاعِ وجهِه إلى وجنتي ، كأنَّه يبحثُ بهذا العناقِ عن توحيدِ جسدينا في المجازِ بعدَ الحقيقة ، و على أنَّه آخرُ عناقٍ ممكن

_"ريكي.."

_"لا شيزو.. ليسَ هنالِكَ ما يزعِجُني ، فأنتِ بطلَتِي إلى جانبي.. أليسَ كذلك؟"

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن