30

285 38 18
                                    

استنزفَ درسُ الرّياضيّاتِ الإضافيُّ من وقتي و طاقَتِي كثيراً حتّى انتهى و غادرَ المُدرِّس ، يقولُ الأخيرُ أنَّنا جميعاً ما أبلينا في آخرِ امتحانٍ جيّداً ، و لذا أقرَّ حضرَتُه بضرورةِ مُساعَدَتِنا _عرضَ خدماتِه بالإجبارِ طبعاً_ و أدرجَ الحصّةَ حديثاً يزيدُ أتعابَنا

_"شيزو ، هل لي بدفترك؟"

رَفَعْتُ رأسِي عن خطٍّ كانَ يتركُه مسيرُ قلمي فوقَ الورقِ أبحثُ عن المنادي ، حَسِبْتُني سأقابلُ وجهَ ريكي إذ سَمِعْتُ نداءَه المُحبَّبَ الخاصّ ، إلّا أنَّ حساباتِي ما عادَتْ عليَّ بغيرِ الصّدمة ، فمُختَصِرُ اسمِيَ الوحيدُ ما عادَ كذلك ، باتَ يشاركُ طالباً جديداً ما رأيتُه من قبل.
بَحَثْتُ عن ريكي في الخفاءِ من بعدِ ما نَهَضْتُ أتأكَّدُ من أنَّ مُخاطِبي هو ذاتُه من أمامي ، فَوَجَدْتُه يقفُ في مركزِ مجموعةِ بناتٍ و يشاركهنَّ الضّحكاتِ و الأحاديث ، أجهلُ دافعَ الحنقِ في داخلِي ، لكنَّني أعرفُ أنَّه استحالَ دافعاً للانتقام

_"طبعاً ، تفضَّل"

_"شكراً لكِ! اسمِي يوشي ، سعيدٌ بالتَّعرُّفِ إليكِ"

حملَ الدّفترَ برزانٍ ثمَّ انحنى يعرِّفُ بنفسِه ، فانحنيتُ كذلك أرحِّبُ بوجودِه.
أرى في ملامحِه النّضرةِ روحاً نقيّة ، و في لمعانِ عينيه براءةَ طفلٍ حديثِ الولادة ، بدا رقيقاً و تعاملَ لطيفاً ، ليسَ و كأنَّه غريبٌ عنّي

_"سعيدةٌ بكَ أيضاً! كيفَ تعرفُني؟"

_"سَمِعْتُ أحدَ الطُّلَّابِ ينادي عليكِ"

ابتَسَمْتُ حالَما تأكَّدَ عجزُ عقلِي عن إيجادِ كلامٍ منطقيٍّ أضيفُه ، فردَّ ثغرُه بأرقَّ و أجملَ ممّا أظهَرْت ، يتوجَّبُ عليَّ لو أرَدْتُ الفكاكَ من سحرِه أن أقودَ دفّةَ حديثٍ آخر

_"هل أنتَ طالبٌ جديدٌ إذاً؟"

تَرَاجعْتُ نحو الخلفِ خطوةً فضُربَتْ ساقِي كُرسيِّي ، أمّا هو ، فوسَّعَ ابتسامَتَه و ناولَني باتّزانٍ دفتَرِي من بينِ يديه ، ثمَّ انخفضَ بحيثُ يوازي وجهُه ارتباكَ وجهِي ، و من حيثُ يقفُ دونَ تلاعبٍ بالمسافةِ التّي بَنَيْت

_"لا ، لَسْتُ طالباً هنا ، أنا طالبٌ في سنةِ الثَّانويَّةِ الأخيرة ، و قَدْ جئتُ هنا مع والدِي"

_"أنتَ ابنُ أستاذِ الرّياضيات؟"

يكبرُنا شكلُه سنّاً ، ما فكَّرْتُ في الأمرِ و استبقْتُ الافتراضَ بأنَّه طالبٌ جديدٌ في صفِّنا.
همهمَ برقّةٍ ما لقيتُ مثلَها ، ثمَّ لوَّحَ لي و بهدوءٍ رزينٍ غادرَ الصَّفّ ، بدا لي حُلماً ساحراً غيرَ مُندَثر ، زادَ عليَّ التنفُّسَ صعوبةً ، و ضاعفَ عنفَ قلبِي.
لوَّحَ لي مرّةً أُخرى وقتَما وصلَ المخرجَ ووجدَني لا أزالُ أراقِبُه ، فلوَّحْتُ له ، و عُدْتُ أغرقُ في حقيقةِ حضورِه و منظرِ رحيلِه

_"من هذا؟"

انتفضَ كاملُ جسدِي ، كما لو كُنْتُ قَدْ أُوقِظْتُ من الحلمِ عنوةً ، كما لو أنَّ الحُلمَ قَدْ انتُزِعَ منّي فجأة ، فأخذَ في طريقِه كاملَ آثارِه ، و تركَني دونَ عقلٍ أبحثُ في إمكانيّةِ إعادَتِه

_"أخفْتُكِ؟ ألهذه الدّرجةِ أنتِ غارقة؟"

أدَرْتُ إلى اليمينِ منّي رأسي حتّى استطَعْتُ رؤيةَ مُحدِّثي ، هذا ريكي قَدْ فرغَ من محادثاتِه و تذكَّرَ أمرِي ، كُنْتُ قَدْ نسيتُ أمرَه على أيّةِ حالٍ أيضاً.
لكنَّه لا يبدو على أحسنِ ما يُرام ، يبدو أنَّه يشكو شيئاً يغضبُه على العادة ، و قَدْ أشعلَ في داخلِي جذوةَ القلق ، على الرَّغمِ من أنَّه قَدْ أزعجَني فيما سبقَ و ما أعطى للأمرِ بالاً

_"ما خطبُك؟"

_"كُنْتُ أستفسر ، مع من كُنْتِ تتكلَّمين؟"

حَمَلْتُ أغراضي و أخَذْتُ أوضّبُها من بعدِ ما عَرَفْتُ بطبيعةِ سؤالِه ، أراه مُجرَّدَ استفسارٍ عاديٍّ لا طعمَ له ، و يبدو أنَّني لا يدَ لي في غضبِه

_"مع ابنِ مُدرِّسِ الرّياضيّات"

_"أويحقُّ لابنِ المُدرِّسِ أن يناديكِ شيزو؟"

تجمَّدَتْ حَرَكَتِي لوهلةٍ أحاولُ توفيرَ بعضٍ من طاقَتِي ، علّي بها أفهمُ شيئاً ممّا يدورُ في عقلِه ، و ما حقَّقْتُ فائدةً حقيقيّة ، فحتّى مصدرُ معلومَتِه هذه مُريب ، و ليسَ له في الواقعِ غيرُ مسقطٍ واحد ، أكانَ يتجسَّسُ عليّ؟
أخضَعْتُ لاشتعالِ عينيه هوان عينيّ ، أبحثُ فيهما عن عرضِ مفهومٍ لما يفكِّرُ فيه

_"و أين المُشكلة؟"

_"لا ، لا مشكلة ، هل سوفَ تعودين معي أم وَجَدْتِ أحداً آخر؟"

زادَ اشتداداً على ملامِحِه ، و عقدَ يديه يضيِّعُ عينيه في آفاقِ الصّفّ ، أمّا أنا ، فَقَدْ أعادَ سابقَ الحنقِ و ضاعفَه فيَّ كلامُه غيرُ المفهوم

_"ريكي بربِّك! لماذا تخاطِبُني على هذا النّحو؟"

زادَ صوتِي شدّةً فلفتَ إلينا أعينَ كُلِّ الحاضرين في المكان ، و أراقَ من صبرِ ريكي مزيداً حتّى كادَ يصرخُ بي ، و لكنَّه و قبلَما فعلَ تمالَكَ نفسَه ، و رمقَ المُتدخّلين يقصدُ إبعادَهم.
سرُّ سلبيّةِ يوميّاتِنا الأخيرةِ ضامرٌ مخفيّ ، و لو ما ساندَتْ قدرَتنا على إبدالِها إيجابيّةً في أسرعِ وقتٍ أظنُّ أحدَنا سيقتلُ الآخر

_"ما عادَ يعجِبُكِ أسلوبي الآن آنسة شيزو؟"

_"هل سَمِعتَني أقولُ هذا!؟ ما خطبُك!؟"

_"انتظريني ، عندَ منتصفِ اللّيل"

تلفَّظَ بهدوءٍ بالغ ، ثمَّ حملَ حقيبَتَه ، و غادرَ مسرعاً دون انتظار
.
🪄
.
🪄
.
🪄
.
🎩يتبع🎩

هوني هنا🥺💗💗
قلت بما إنه أجواء عيد حب و كذا بخرب عالمحبين و نغير شوي🙃🌞
هوني تحب التخريب🙃😂💗
بمزح😂
المهم ، سمعتو؟ انتم أفضل نجوم بالعالم🥺🥺💗💗💗💗
و هوني تحبكم كثيييرررررر🥺🥺💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗💗

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن