16

401 54 22
                                    

أوقنُ و منذُ البدايةِ بأنَّ فرحَتِي و اضطرابِي يقفان عائقاً صعبَ التّجاوزِ ما بيني و بين النَّوم ، و الآن و على قيدِ التّوقُّعِ قد انتصفَ اللّيلُ عليَّ وحيدةً في سريرِي أتأمَّلُ تآكلَ أحجارِ قلبِي في لونِ سقفِ الغرفةِ العاتم.
كلُّ شيءٍ أضحى من حولِي شاعريّاً مُذ التقَيْتُ بالرّائي ، كما لو كانَ قوسَ مطرٍ يمنحُ رماديَّ السُّحبِ حياةً جديدة ، حياةً غضّةً سعيدة.
أخالُه إلى قُربِي آن يغفلُ وعيي ، فأبتسم ، ما ابتسَمْتُ على نحوٍ كهذا من قبل ، أبدو مُحرَجةً و سعيدةً في الوقتِ عينه ، ثمَّ تائهةً ضائعة.
تَرَكْتُ السّريرَ أريحُه ، و بسرعةٍ حَذِرَةٍ سِرْتُ نحوَ غرفةِ أختي ، أعرفُ أنَّ أعمالَها تحرمُها النَّومَ حتّى وقتٍ متأخِّر ، و لولا هذا لما جئتُها.
طَرَقْتُ بابَها دونَ تفكير ، و جعلْتُ أراقبُ الممرَّ حتّى سمحَتْ لي بأن أدخل ؛ وضعَتْ حاسوبَها المحمولَ جانباً عندما رأتْني ، و طلبَتْ منّي بهدوءٍ أن أجلسَ إلى قُربِها

_"أهلاً و سهلاً آنسة شيزوكا ، كيفَ حالُكِ؟"

_"سيّئة.."

ما أزالُ أجدُ قرارَ مخاطَبَتِها في أمرِ ما يخالجني من مشاعر مُتسرِّعاً ، فَقَدْ اتَّخَذْتُه و فقط لأنَّ اللَّيلَ ما تركَ أمامِي خياراً آخر ، و إلّا لبحَثْتُ في حلولٍ أخرى.
جَلَسْتُ فوقَ سريرِها ، و للحظاتٍ ما أحسَسْتُ بها قبلَما مرَّتْ ، غِبْتُ ساهمةً في عالمٍ لا يحوي أختي.
لوَّحَتْ في الهواءِ تلفتُ انتباهِي ، و قد نجحَتْ في انتشالِ نظرِي إليها بعدَ هنيهة ؛ تستغربُ حركاتِي ، و أنا لا أستغربُ هذا ، فهي ما اعتادَتْ على أيٍّ من تغيُّراتِ شخصيَّتِي الحديثةِ و المفاجئة

_"ما بكِ؟"

_"لا أستطيعُ أن أنام"

_"لماذا؟"

أبعَدْتُ شعري عن وجهِي بحركةٍ سريعةٍ أُخفِي توتُّرِي ، و قَدْ تبسَّمَتْ إيروكا بسببِ ما فَعَلْتُ و كأنَّها و بفضلِه باتَتْ على علمٍ بما أسرّ

_"بصراحة..أريدُ أن أشارِكَكِ سرّاً..لكنَّكِ يجبُ أن تكوني أمينةً في أمرِه"

_"أنتِ تُحِبِّين الشّابَّ الذي رأيْتُكِ تعانقينه في الشّارع ، أليسَ هو؟"

دقائقُ مرَّتْ ما أحسَسْتُ بقيمتِها ، ملامحِي مشدوهةٌ تنتظرُ مجيءَ الوقتِ بشرحٍ وافٍ لما حدث.
ليسَ ما قالَتْ هو سرِّي الحقيقيّ ، لم أكن قد فكَّرْتُ في تسميةٍ للمشاعرِ التّي أكنُّ لريكي ، و قَدْ صُدِمْتُ بما لدى إيروكا من أفكارٍ واثقةٍ لا أعرفُ ما لها من مسقطٍ في الواقع ، فأنا لا أميِّزُ معنى ما تطرحُ بعد

_"الحُبُّ يغيّرُنا ، يحوِّلُنا في بداياتِه إلى أناسٍ أفضل ، ثمَّ و بحسبِ نتائجِ علاقاتِنا يعودُ فيغيِّرُنا ، و أنتِ قد تغيَّرْتِ كثيراً شيزو ، مُذ رأيتُكِ معَه"

_"أتحسبين هذا حُبّاً؟"

_"ما لم يكن كذلك ، فلا طعمَ للحُبِّ إذاً"

رَسَمَتْ كلماتُها في رأسِي خيالاتٍ و خيالات ، كلُّها مُتعلِّقٌ بهذا الحُبّ ، الأسطورةُ التّي ابتُدِئ خَطُّها ما بينَ أفكارِي في طفولَتِي ، و نسيتُ بمرورِ الزّمنِ أمرَها ، ثمَّ و في بدايةِ مراهقَتِي أصبحَتْ مصدرَ اشمئزاز ، ذلك لأنَّ من في سنِّي اعتبروها موجةَ حضارةٍ يتبعونَها ، و دونَما فهم.
و الآن ، آن علَّقَتْ إيروكا أمرَه بريكي استحالَ حُلواً ، عذباً و رقيقاً ، ليسَ و كأنَّه حملَ في عقلِي من ذي قبل معنىً آخر.
تصوَّرْتُ ريكي فوقَ حصانٍ أبيض ، يرتدي بزّةً بيضاءَ اللَّون مُذهَّبةَ الأزرار ، و يحملُ سيفاً طويلاً لامعاً ، هذا أميرُ الأحلامِ في قصَّتِي!
كم أنا ساذجة!
أخَذْتُ أقهقهُ بغيرِ تفكير ؛ و مع أنَّني عَرَفْتُ بأنَّ أختي كانَتْ تتابعُ حركاتي بسكونٍ خبيثٍ ، زِدْتُ في الأمرِ كما لو أنَّها خارجاً ، حتّى شاركَتْني طقوسَ الجنون بلا دعوة

_"أفهمُكِ شيزوكا ، أفهمُكِ جيِّداً"

استُوقِفَتْ ضحكاتِي ، و غابَتْ ابتسامَتِي في غياهبِ أفكارٍ سوداءَ ثقيلة ، تزامنَتْ مع دفءِ ذكرياتٍ أستنبطُ تولَّدُه في قلبِ أختِي لمجرَّدِ رؤيةِ ملامحِها

_"لا أظنّ.."

_"لمَ؟"

_"أنتِ جميلةٌ يُحبُّكِ الجميع.. لَسْتِ مثلِي"

لن يروقَ ريكي ما أقول ، إلّا أنَّه و على أيّةِ حالٍ واقعِي ، لَسْتُ أهتمُّ بنفسِي ليُحبَّني أيٌّ كان ، و حتّى لو كُنْتُ جميلةً لطيفةً و قويّةً كما يصفُني ، لكنَّ صفاتِي هذه غائرةٌ لا سبيلَ لأحدٍ فيشعرَ بها أو يصدِّقَ بوجودِها.
مسحَتْ إيروكا على خدِّي بحنوّ ، ثمَّ و باسمةً طبعَتْ عليه قبلةً لطيفةً مُهوِّنة

_"لم أكن كذلك.. لم أكن كذلك حقّاً في نظرِه"

_"أحبَبْتِ من لا يُحبُّكِ؟"

هزَّتْ برأسِها ، ما بدَتْ حزينة ، كما لو أنَّ مرارةَ الحدثِ قد حوَّلَها الزّمنُ فباتَتْ حلوَ فخر ، فخرِ اختلاقِ قوّةِ التّطوُّرِ من العدم.
لا أفهمُ بعدُ حقيقةَ ما تكبتُه ، فأنا و في الأصلِ لا تهمُّني أمورٌ كهذه ، أجدُ مصائبَ الكوكبِ أعظمَ بكثيرٍ من أن تكسرَنا مجموعةُ مشاعر لحظيّة

_"لا يهمّ ، انظري إلى نفسِكِ الآن إيروكا ، أنتِ عظيمة!"

_"و أنتِ يجبُ أن تكوني عظيمة ، لو كانَ حُبُّكِ حقيقيّاً دافعِي عنه بكلِّ قواكِ ، و لو كانَ غيرَ ذلك فدافعِي عن نفسِكِ ، حسناً؟"

.
🪄
.
🪄
.
🪄
.
🎩يتبع🎩

أحبكم أحبكم أحبكم أحبكم أحبكم أحبكم أللفففف😭😭😭😭😭💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞💞

الرَّائي~نيشيمورا ريكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن