20/ تشرين الأول (أكتوبر)
دورت هازان السائل الأحمر المائل إلى البني في كأسها.. تباطأ العالم من حولها وهي تضع الكأس على شفتيها، أحرق السائل حلقها، وبينما كانت تبتلعه تمنت لو أنه يضرم النار في كل شيء ولو للحظة واحدة..
لقد كانت تبحث عن الراحة أينما وجدتها، حتى وإن وجدتها في قاع كأس، عندما أمالت الكأس عن شفتيها واستوى السائل داخله مرة أخرى، نظرت هازان من خلاله فرأت العالم وردياً وشفافاً بشكل غامض.
لم تكن نظرة هازان للعالم وردية على الإطلاق.
لقد كانت واقعية، أكثر مما كانت عليه وهي في الثانية والعشرين، فالعالم القاسي حولها لم يكن منه مفر أبداً، ولهذا، لم تعد هازان تخبر نفسها -سواء بداعي الجهل أو الخوف- أنّ كل شيء سيكون على ما يرام إن هي أرادته أن يكون، لقد كانت نظرتها الواقعية هي السبب الوحيد وراء عدم انهيارها بالكامل.
وفي أعماقها، عرفت أن التشاؤم كان مدمراً تماماً مثله مثل التفاؤل الأعمى، وهكذا في رأسها كان الأمر يتعلق بالتوازن، ففي الحياة كان هناك دائماً وقت مناسب وملائم لكليهما، اليأس والأمل.
لكن في هذه اللحظة، بدا كل شيء ميؤوسًا منه، وشعرت هازان بوحدة فظيعة جعلتها تتجه نحو الغرق بدلاً من المقاومة والسباحة.
لأنه في النهاية، لن يتغير أي شيء.
عندما نظرت هازان مرة أخرى من خلال السائل الوردي، أدركت أن الأمر لا يتعلق بالتفاؤل والتشاؤم، ربما كان الأمر مجرد تمسك بآخر ذرة من سلامة عقلها في سبيل مكافحة الحقيقة، وذلك لأن الحقيقة لم تكن بسيطة.
رفعت الكأس إلى شفتيها واجترعت بقية السائل دفعة وحدة، أحرق حلقها، لكنها لم تجفل، وبدلاً من ذلك استمتعت به، وتمنت لو أنه يجردها من أحاسيسها كلها.
جاء صوت متعجرف من المدخل: أنتِ لم تبدأي من دوني أليس كذلك؟
لم تكن هازان بحاجة للنظر وراء ظهرها لتعرف لمن ينتمي الصوت، كان الصوت نفسه الذي همس لها: جوكهان غبي.
وساعدها لتذهب إلى الحمام في المطعم.
ياسمين..
أجابت هازان: إنها أول كأس فقط، تعرفين أين الكؤوس.
اتجهت ياسمين من المدخل إلى المطبخ وهي تتمتم: أجل، أعرف.
شاهدتها هازان تمشي نحو المطبخ وفي رأسها دارت ذكريات أول لقاء بينهما، لقد كان ذلك على متن طائرة، وفي الدرجة الاقتصادية أيضاً.
- - -
يومها سمعت هازان صوت ياسمين وهي تسأل من فوقها: ما الذي تفعلينه هنا؟
نظرت هازان لأعلى وأجابت: أعتقد أننا هنا لنفس السبب يا ياسمين، أنا مسافرة إلى أنقرة، من الغريب رؤيتك في الدرجة الاقتصادية.
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Dragosteشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.