بدا مكان البناء كأنه خارجاً من أحد أفلام الرعب الذي اعتادت هازان مشاهدتها وهي صغيرة، وحقيقة أن الوقت كان ليلاً عندما وصلت بالطائرة المروحية إلى مكان ساعد في إضفاء هذه المسحة المرعبة، ولم تساهم الأضواء الخافتة الموزعة حول المكان بتحسين صورته، بل جعلته يبدو كمنزل عائلة آدمز!
كان المكان مليئاً بالعمال والمهندسين، لكن هذه العدد من الناس لم يشعرها بالأمان..
لقد حفظت هازان المخططات بعد أن درستها لمدة عشرة دقائق في غرفة الاجتماع، ولمفاجئتها قام ياغيز -الذي توقف عن محاولة قتلها بنظرات عينيه- بمساعدتها، وأجاب عن كل أسئلتها التي طرحتها حول البناء، عدد الطوابق، نوع الخرسانة المستخدمة، ونوع الحديد، لقد أمدها بكل التفاصيل، وكان يحدق معها بالمخططات منذ أن فتحتها أمامها، وراح يدلي برأيه حول أفضل مقاربة يمكن اتباعها في هذه الحالة.
سمعت هازان السيد ناظم يسأل شخصاً ما: هل كل شيء جاهز؟
رفعت هازان عينيها عن المخططات لتلتقي نظراتها مع دمير أوغلو، الذي قال: نعم سيدي، إذا كانت الآنسة هازان جاهزة لتتبعني.
كانت هذه هي المرة الأولى التي رأته فيها منذ حديثهما في الوزارة، وكذلك المرة الأولى التي تراه فيها وهي تعلم أنه يعرف شيئاً ما عن ماضيها، ولا داعي للقول أن هازان كانت مرعوبة من وجوده إلى جانبها.
قال لها دمير وهو يقودها إلى خيمة الطوارئ المقامة إلى جانب البناء: هل فكرتِ كيف ستحلين هذه المعضلة؟
ابتسمت هازان: ليس بعد، أعتقد أنني بحاجة لدراسة بعض الحقائق وتفقد البناء، في الحقيقة لم أواجه مشكلة بناء مشيد من قبل، لطالما ألغينا المشاريع التي تواجهها حالات كهذه قبل أن نبدأ بصب الخرسانة في الأساسات، ولهذا كان من السهل التعامل معها، أما الحالة هنا فتبدو صعبة نوعاً ما..
ابتسم دمير: أجل، أجل، بالتأكيد ستكون صعبة عليكِ للغاية
نظرت هازان إليه شزراً وبدا صوتها مجروحاً: ما الذي تعنيه بهذا؟
لقد بدا لها أنّه ياغيز، وأنه سيهاجمها كما يفعل ذاك الأخير، وهي لم تكن في مزاج يسمح لها بتحمل أي نوع من الهراء عن أحقية النساء في تعلم الهندسة والاختصاص بالهندسة المدنية لأنها مهنة الرجال لا مهنة النساء... وإلى ما هنالك من هذا الهراء.
لمعت عينا دمير وقال: آمل ألا تفهمي كلامي على أنه إهانة، لكنكِ حين تصبين اهتمامك على شيء ما، تتجاهلين كل شيء عداه، وهذه نقطة ضعف في التفكير الهندسي، على المهندس أن يرى الصورة كاملة..
تفاجأت هازان: كيف عرفت...
قاطعها: لقد كان جوكهان شريكي في بعض المشاريع، وهو يتحدث كثيراً عن ما مضى.. أحياناً أقصد..
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.