أراد ياغيز أن يشير فقط إلى أن التعقب لم يكن من الصفات النموذجية التي يتحلى بها رجال عائلة يلدز.
وهو لم يكن يتعقبها.
كان التعقب وصفاً سلبياً جداً لشيء بسيط بريء حدث صدفةً، عندما كان ياغيز يفكر بالمتعقبين، كانت صور سيئة شريرة تخطر في باله، فالمتعقِّب شخصية مشبوهة، وياغيز لم يكن كذلك أبداً، ربما كانت لديه بعض الميول ليكون شريراً، لكن الآن، في هذا الوقت تحديداً هو لم يكن كذلك.
لم يكن لدى ياغيز تصور حقيقي عن المتعقبين، فهو قد رآهم في الأفلام الأمريكية التي أجبره ديمير على مشاهدتها ذات سنين بعيدة وهم في الجامعة، لقد كانوا يتسللون خلف ضحاياهم، ويقفزون خلف مجموعة من الأشجار قبل لحظات فقط من القبض عليهم، كانوا دائماً يرتدون ملابس سوداء، ويتصرفون بريبة، ويبتسمون ابتسامة غامضة عندما تقع عيونهم على ضحاياهم، كما كانوا يكتبون رسائل حبٍ للذين يتعقبونهم، ويختمون تلك الرسائل بقبلة، ويبحثون في النفايات عن أي شيء يخص الشخص المتعقَّب كالملابس الداخلية القديمة وزجاجات العطور الفارغة.
حسناً، ربما كان تصوره عن المتعقبين حقيقي وواضح، ولكن المغزى هو أن ما كان يفعله الآن لا يندرج تحت أفعال المتعقبين.
كان يلاحقها؟ ربما، إذا أراد أحدٌ ما أن يضع وصفاً ملائماً لما كان يفعله.
كان يراقبها؟ بكل تأكيد، ولكن بدافع الفضول فقط.
لكن بالتأكيد لم يكن ياغيز يتعقبها، لقد كان محباً لمراقبة الناس، وببساطة كانت هازان مصبَّ اهتمامه الجديد.
وبطريقة ما لم يبدُ له هذا التفسير لما يفعله أفضل من غيره.
في الواقع، وبالصدفة البحتة جداً، رأى ياغيز هازان وهي تدخل أفخم متجر لبيع الكتب في بيبك، تلك الصُدَف التي ما فتئت تجمعهم معاً في المكان والوقت نفسه، بالإضافة إلى أنه كان في المتجر أولاً، ولهذا من المستحيل أن يكون متعقباً.
أراد ياغيز أن يذهب إلى بيبك ليلتقي بديمير، لكن طارئاً في العمل منعه من الوصول في الوقت المناسب إلى المكان، وفجأة وجد نفسه وحيداً هناك، يتناول قطعة حلوى في أحد محال الحلويات، ويفكر بالغداء القادم الذي سيجمعه بهازان وياسمين.
وبعد أن أنهى قطعة الحلوى، وجد نفسه يمشي عرضاً نحو متجر الكتب، ليشتري كتاباً لياسمين.
بمجرد دخوله إلى المتجر بدأت السماء تمطر.
وبعد عشر دقائق، رآها تندفع نحو المتجر، لقد بدت هزيلة جداً كما كانت من قبل، لكنها كانت الآن هزيلة ومبللة.
كان منظرها محزناً للغاية، ثم راحت تبحث في حقيبتها عن شيء ما، وبعدها أخرجت منشفة صغيرة جففت بها وجهها وشعرها، وكالسحر تماماً لم تعد تبدو مروِّعةً للغاية كما كانت قبل قليل.
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.