29/ تشرين الثاني (نوفمبر).
سأل ياغيز الطبيب وهو يحدق بوالده: إلى متى سيظل فاقداً للوعي؟
كان عقل والده يتضاءل تدريجياً، ومؤخراً باتت اللحظات التي يكون فيها بكامل عقله نادرةً مقارنة بالأوقات التي يعتريه فيها جنون كامل، وكان هذا يوتره، وأكثر من أي وقتٍ مضى، ناشد ياغيز والدته أن تصغي لصوت المنطق، وأن تترك والده في المشفى بشكلٍ دائم ليحظى بالرعاية المناسبة وليكون آمناً.
لم تكن الأدوية المضادة للذهان فعالة، ولا أي نوعٍ آخر من الأدوية أيضاً.
كانت أعضاؤه تتدهور ببطء شديد، وكان من الواضح أن محمد يلدز سينتحر أو سيذوي بهدوء أمام أعينهم.
عندما أجابه الطبيب لم تكن إجابته واثقة: ربما يومٌ أو يومين.
قال بسخرية: أيهما الصحيح؟ يومٌ أم يومان؟!
قاطعته والدته بضجر: ياغيز!!
نظر بانفعال إلى الأريكة التي شغلتها أمه وصديقه دمير، كانت أمه على وشك البكاء، وكان مظهرها وحده هو الذي دفعه ليكتم غضبه، كانت بعض الكدمات تغطي يديها، وتحت عيونها أسود بعض الشيء، لكن ولله الحمد، هذا المظهر الأشعث هو الشيء الوحيد الذي أصابها خلال نوبة الجنون الأخيرة التي انتابت والده.
تنهد ياغيز واستجمع نفسه، واستمع إلى الطبيب وهو يتحدث عن آثار الأدوية التي يأخذها والده: سيد يلدز!
انتفض ياغيز عندما سمع اللقب، وبدا واضحاً أن الطبيب انتبه: معذرةً، سيد ياغيز، ولكن كما ترى هذه الأدوية...
في وقتٍ سابق من مساء هذا اليوم وجدت أمه والده وهو يحاول طعن نفسه بسكين، لكنها سحبته منه بسرعة ورمته خارج أقرب نافذة.
ما لم تتوقعه السيدة كريمة هو أن يغضب زوجها لإنقاذها حياته، وبوحشية كبيرة انطلق السيد يلدز بسرعة مهاجماً زوجته، وراح يصرخ بكلام غير مفهوم، كأنه لغة جديدة مُخترعة، ثم ألقاها على الأرض وراح يصفع وجهها بقوة.
رفض ياغيز أن يفكر ما الذي كان سيحدث لو أنه لم يدخل الغرفة في اللحظة التي دخل فيها.
كانت تلك الفكرة تؤلمه بقدر ما تغضبه.
أكمل الطبيب: لهذا السبب لا يمكنني أن أخبرك بالتحديد إن كانت آثار الدواء ستستمر ليومٍ أو يومين.
لم يستمع ياغيز لأي كلمة قالها الطبيب، لكنه أومأ برأسه كما لو أنه سمع، ولهذا تابع الطبيب: سأعالج الآن كدماتِ والدتك، إن كان لديك مزيد من الأسئلة، فلا تترد في طرحها.
التفت الطبيب لوالدته، وقبل أن يخرج معها من الغرفة، تبادل الطبيب ووالدته ودمير القليل من الكلام.
انتظر ياغيز حتى أغلقت والدته باب غرفة النوم الكبير وراءها، ثم التفت إلى صديقه دمير.
استرخى دمير على الأريكة المريحة في الغرفة كما لو أنه عرف تماماً أن انفجاراً مدوياً لياغيز يلدز على وشك أن يحدث.
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romansaشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.