كانت الساعة تدق معلنة منتصف الليل، وكان قدر مر على خروجها من المستشفى 15 يوماً، وكانت هازان مستيقظة تماماً، تفكر وتتألم..
كان والدها يقول دائماً: إن الوقت يداوي كل الجروح يا هازان، لا شيء يبقى على حاله إلى الأبد.
خنقت هازان ضحكة مريرة رداً على هذه الكلمات، لقد حاولت، وفعلت كل ما في وسعها لتتعافى من جروح الماضي منذ أن عادت إلى تركيا، لكنها الآن تؤمن بشدة بحقيقة أن بعض الكدمات تقف مستعصية حتى على الوقت.
لقد قضت ما يقارب شهراً في المستشفى بسبب الحادث الذي تعرضت له، ولم تستطع الكلمات التعبير عن مدى سعادتها لخروجها من ذلك المكان العابق برائحة المعقمات، لا يهم إن كانت تعرج، ولا يهم إن كانت يدها تتحرك بصعوبة، ولا يهم أنها ستكون محرومة من أداء المهام الشاقة كثيراً للأسابيع الثلاثة القادمة، ولا يهم أن عليها بعد أن تتخلص من جبيرتها أن تزور معالجاً فيزيائياً ليدها وساقها معاً، كل هذا لا يهم، لقد كانت هازان شامكران على ما يرام على الرغم من أنها تتناول دواءً مسكناً يكفي لإصابتها بالإدمان.
لم يكن هناك شيءٌ مهم.
لقد كانت ممتنة لأنها خرجت من تلك الغرفة ومن ذلك السرير، ومن ذلك الطابق، ومن ذلك المستشفى.
وداعاً للزيارات المفاجئة التي قامت بها إيجة لتحقيق أهدافٍ ملتوية.
وداعاً للمحادثات الغريبة على الأسطح مع ابن عائلة يلدز.
وداعاً للممرضات، أو كما أسمتهن ياسمين العاهرات.
وداعاً لطعام المستشفى الكريه.
ومرحباً بسريرها.
عندما غادرت هازان المستشفى قبل 15 يوماً شعرت أنها كانت تنطلق بحرية متزلجة على أعلى قمة ثلجية في العالم، وفي نقطة ما خلال رحلة العودة إلى المنزل اكتشفت هازان أنها متزلجة سيئة، وتعثرت، وسقطت على وجهها، على ما يبدو كان عليها أن تولي مزيداً من الاهتمام لآخر توصيات الطبيب.
لم تعتقد هازان أن ما عناه الطبيب بالاسترخاء لمدة 15 يوماً تعني أن عليها أن تلازم منزلها، وألا تغادره، لأن كمية الأدوية التي كانت تأخذها ستجعلها عاجزة عن القيام حتى بأبسط المهام.
بالطبع كان من الممكن أن يكون الوضع أسوأ، لكنها كانت تشعر كأنها حيوان حبيس في قفص.
ولم تكن هناك زيارات من ياسمين لتؤنس وحدتها.
كانت ياسمين في رحلة عمل بعيداً عن إسطنبول، وتركت هازان وحيدةً متعاطفة مع كل السجناء في العالم الذين يقضون حياتهم منفردين خلف قضبان الزنازنات.
لقد فهمت كيف يمكن للإنسان في مثل تلك الأماكن أن يفقد عقله، لأن وجودها في مكان واحد لمدة طويلة كاد أن يفقدها عقلها.
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.