كانون الأول (ديسمبر)
تساءلت هازان حول الكثير من الأشياء.
وبينما جلست إلى الطاولة غارقة في التفكير، راحت تتساءل عما إذا كانت سيئة حقاً كما تظن.
لكن الإجابة لم تكن واضحةً أبداً..
غرزت هازان أظافرها في ظهر يدها، وفكرت أن بإمكانها إلقاء اللوم على معالجتها النفسية الجديدة بسبب هذا..
لقد مرت ساعتان منذ انتهت أولى جلساتها العلاجية، والتي كانت محرجة نوعاً ما.
قالت المعالجة: إذن آنسة هازان، أخبريني لماذا أنتِ هنا؟
حدقت هازان بالمعالجة لمدة 45 دقيقة متواصلة قبل أن ترد بهدوء وتقول: لأعيش.
أجابتها: لا أعتقد أنكِ ميتة!
أجابت هازان بصوت بارد بشكل كبير: مجرد جلوسي هنا لا يعني أنني على قيد الحياة!
وبهدوء نهضت عن الكنبة وخارجت تاركة الباب يغلق خلفها.
لم تكن هازان تشعر بالسوء جرّاء الجلسة القصيرة، إنما أحست أنها مستنزفة.
كانت الكلمات التي قالتها للمعالجة صادقة للغاية لدرجة أن النطق بها فقط كان خطوة كبيرة بالنسبة لها.
تنهدت هازان تنهيدة شخص يبلغ من العمر أكثر من الثامنة والعشرين بكثير! ومع أنها لم تكن عجوزاً كما شعرت، ولم تكن شابة كما بدت، فإن الشعور الوحيد والحقيقة الوحيدة التي عرفتها هو أنها تشعر بالتعب بكل تأكيد.
وللمرة الأولى لم تكذب هازان على نفسها، لكنّ قول الحقيقة جعلها تفكر بكل الأكاذيب التي حاكتها وأخبرتها للآخرين!
لقد أقنعت نفسها مؤقتاً بأن الكذب كان يستحق جهدها واستنزاف مشاعرها، ولكن على الرغم من ذلك لم تستطع هازان أن تكون متأكدة من هذا تماماً.
في مرحلة ما اعتقدت هازان أن بإمكانها أن تكذب إلى الأبد، حتى أنها خططت لذلك، لكنها الآن وجدت نفسها تتساءل حول ما الذي كانت ستفعله في هذا الوقت إن هي لم تترك كل شيء خلفها وتغادر؟ ما الذي كان سيحدث إن ذهبت إلى والد جان منذ البداية، ولم تكذب عليه، ما الذي كان سيحدث إن لم يحدث أي شيء من هذا على الإطلاق؟!
لكنها لم تسمح لنفسها بالتفكير بالموضوع لفترة طويلة، لأنه لا معنى من أن يتساءل الإنسان عما كان يمكن أن يكون! لا معنى أبداً!
كان الأمر مجرد مضيعة لوقت!
وعلى الرغم من شعورها بأنها مستعدة لتغيير حياتها إلا أن هازان ظلت مشغولة بحماية نفسها جيداً من الألم الذي قد يلحقه بها الآخرون.
فبعد كل شيء كانت ماتزال هشة وهي تعلم ذلك.
ولهذا استعملت كل ما بوسعها لتدافع عن نفسها، بنت حول قلبها جدراناً عالية، ارتدت ملابس رثة، لم تهتم بنفسها، وكان مظهرها السيئ مثل درع ترتديه لحماية نفسها من أصدقائها القدامى ومن ياغيز يلدز المثير للجدل!
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.