كان هناك شيءٌ خاطئ بالتأكيد.
امتلأت هازان رهبة وهي تنظر إلى غرفة الاجتماعات الرئيسية، كان الهواء في الغرفة جامداً، ويفوح برائحة القهوة والتبغ، وكانت الأضواء ساطعة بعض الشيء لدرجة يمكنها أن تسبب الصداع، لكن هازان لم تكن من النوع الذي يشكو.
حول طاولة الاجتماعات الكبيرة توزعت تسع كراسٍ كبيرة، كان أحد هذه الكراسي فارغاً، أما الثمانية الأخرى فمشغولة، في ثلاثة من الكراسي جلس مسؤولو الوزارة: وزير الإسكان، ووكيل الوزير، ومساعد وكيل الوزير، وعلى كرسي قريب منهم كان يجلس رئيسها في العمل، وفي ثلاثة أخرى كان هناك ثلاثة مهندسين رأتهم خلال تنفيذ آخر عمل مشترك لشركتها مع الوزارة، لكنها لم تذكر اسم أي أحدٍ منهم، والكرسي الثامن والأخير كان يشغله بالطبع ياغيز يلدز، كان الأخير يرتدي ملابس رسمية مثالية، وبدا على وجهه أنه يكافح الانزعاج أو الملل، لم تكن مهتمةً لتعرف أيهما يكافح حقاً.
قاطع شرودها صوت إحداهن تقول: آنستي، هل تريدين أن تشربي شيئاً؟ قهوة ربما؟
رمشت هازان بعينيها عدة مرات محاولة أن تتذكر اسم الفتاة المساعدة لكن الاسم بدا بعيداً جداً وعلى طرف لسانها في الوقت ذاته، لذلك اكتفت بأن هزت رأسها وقالت: هل يوجد شاي؟
لم تجب الفتاة، وبدلاً من ذلك استدارت وراحت تحضر لها كوباً من الشاي على المنضدة الصغيرة المخصصة للمشروبات في غرفة الاجتماعات، وبعد دقيقة قدمته لها وشكرتها هازان بلطف.
وبعد أول رشفة من فنجانها أعلنت هازان عن وصولها للجميع، حياها الوزير بإيماءة من رأسه، ثم أشار إلى المقعد الفارغ الوحيد، الذي كان ولسوء حظها إلى جانب كرسي ياغيز، وقبل أن تجلس بثوانٍ، تلقى الرجل القريب منهما -والذي عرفت اسمه من بطاقة على صدره "ناظم"- مكالمة هاتفية مما دفعه للخروج من القاعة تاركاً المجال لهم للحديث قبل الاجتماع.
ارتشفت هازان شايها، وتأملت ألا يوجه ياغيز أي كلمة إليها.
لكن ياغيز همس: هل تريدين أن تشرحي لي لمَ رائحتك تبدو كرائحة حانة؟
ردت عليه بحدة: لقد استدعاني المدير في يوم إجازتي، وما أفعله في وقت فراغي ليس من شأنك ياغيز..
دور ياغيز عينيه وقال: لا داعي لأن تكوني دفاعية جداً.
تمتمت بشيء غير مسموع، لقد كان لها كل الحق في أن تكون دفاعية أمامه، لكن ابتسامة ياغيز المتعجرفة زادت على وجهه وقال: ياه، ما الذي خرّب مزاجك؟
تناولت رشفة من شايها وأخرجت دفترها وقلمها وهي تقول له: اغرب عني رجاءً.
تظاهر بعدم سماعها وسألها: كيف تسير دروس الإيطالية مع أمي؟
على الرغم من وجوده بجانبها، وانزعاجها منه، إلا أن هازان ابتسمت، إذ أنها كلما أمضت وقتاً أطول مع كريمة يلدز، كلما أحبتها أكثر، لقد اضطرتهم حالة طوارئ عائلية لتأجيل الدروس شهراً كاملاً، ولكن ما إن بدأتا، وما إن انتهى الدرس الأول، حتى جرت الأمور بينهما بسلاسة.
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.