30/ تشرين الأول (أوكتوبر).
جاءت السيدة كريمة ودمير معاً.
كان الوقت مبكراً عندما فتحت هازان عينيها ورأتهما يتحدثان مع ياسمين عند الباب، بقي الاثنان معها بينما ذهبت ياسمين إلى منزلها للاستحمام وتغيير ملابسها.
أحضر دمير وجبة الإفطار ووقف بشكل محرج أمام الباب، أما السيدة كريمة فقد أحضرت أزهاراً نضرة من حديقة القصر، ووضعتها على حافة النافذة في محاولة منها لإضفاء الإشراق على الغرفة.
بعد فترة وجيزة، غادرا معاً.
عاد دمير ظهر ذلك اليوم لتناول الغداء معها، في حين ذهبت ياسمين لحضور اجتماع في عملها، لم تكن هازان جائعة للغاية، لكنها تناولت قطعة خبز صغيرة مع قليل من اللحم، ولم يتحدث الاثنان كثيراً، ربما عشرون كلمة مجتمعة.
سألها دمير فجأة: كيف تشعرين؟
أجابته: كأنني اصطدمت بحافلة!
لاحظت هازان أنه أجفل قليلاً عند سماعها، فمدت يدها إليه واستقرت يدها فوق يده: دمير؟
التقت عيناهما: همم؟
تململت قليلاً لكن جاءت كلماتها سهلة: شكراً لك لإنقاذي.
ابتسم دمير: جاهزٌ دائماً يا هازان.
شعرت هازان أنه لا يعرف حقاً ما الذي عليه قوله، وكان ذلك جيداً، لأنها لم ترده أن يقول أي شيء على الإطلاق، لقد كانا غريبين عن بعضهما، والرابط المشترك الوحيد بينهما هو ياسمين، لقد تحدثا قليلاً في الماضي، ولم تكن الأحاديث عميقة أو ذات مغزى، وحقيقة أنه استمر في الاطمئنان عليها رغم كونه غير ملزم بهذا، تحدث الكثير عن أخلاقه ونبله.
قبل نهاية ساعات الزيارة في ذلك اليوم، جاءت السيدة كريمة، واختبرت نفسها بالأرقام والأبجدية الإيطالية التي علمتها إياها هازان في الدروس السابقة، ثم فجأة ألقت قنبلة على الفتاة طريحة الفراش: لقد أخبرتني ياسمين كل شيء...
سألت هازان: ياسمين؟
قالت السيدة كريمة: كنتَ أنا من كان عليها أن تهدئها عندما تلقت تلك الرسالة منك، لقد تأذت ياسمين كثيراً لأنك لم تثقي بها لتخبريها كل شيء، لقد حزنت لأنك أخفيت الأمر مدة أربع سنوات! لم تفهم ياسمين، وكان علي أن أساعدها لتفهم أن هناك أشياء في هذه الحياة أكثر أهمية منها، وبقدر ما أحبها، كان علي تذكيرها أنها ليست مركز الكون.
تنهدت هازان: لقد أردت إخبارها، لكنني لم أستطع، كان من الصعب علي قبول الأمر وحدي، لقد ذهبنا في ذلك الصباح إلى الموعد، ودخلت إليه، لكنني لم أستطع، كنت قد فقدت أبي وأمي للتو، وكنت قد قتلت شخصاً أيضاً، وعرفت أنني سأخسر كل حياتي بسبب ما فعلته، لكني لم أستطع، لم أستطع التخلي، وشعرت بالخجل من نفسي، لكنني اعتقدت أنه ورغم الدمار الذي أعيشه فإن هناك بعض الأشياء الجيدة التي قد تأتي مع هذا الدمار.
قالت السيدة كريمة: أنا أفهم لماذا لم تخبري سنان، لكن لماذا لم تخبري ياسمين؟ لماذا انتظرتِ إلى أن حدث ما حدث حتى تخبريها؟
ابتلعت هازان ريقها: لقد كنت في حاجة إليها، لقد كذبت عليها وعلى الجميع لسنوات، وبسبب ذلك لم يكن لدي أحد عندما كنت في أمس الحاجة إليهم، لا بد أنها تعرف أني كنت يائسة.
ربتت السيدة كريمة على كتف هازان: ليس عليكِ أن تمري بكل هذا لوحدك، إن جرحك ما زال جديداً.
قالت هازان: بصوت مملوء بالعاطفة: عشرة أشهر، وثمانية وعشرون يوماً، وأربعة عشر ساعة..
قالت السيدة كريمة بتعاطف: يمكنك التحدث معي حول هذا، أنا أفهم..
قاطعتها هازان وهي تهز رأسها بمرارة: لا، أنتِ لا تفهمين، لأنكِ لم تضطري لدفن ابنك!
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.