مَن ينقذُكِ؟

153 11 10
                                    


آخر مرة اقترب فيها ياغيز من الإصابة بنوبة ذعر كانت عندما كان في العاشرة من عمره، حين كان يستعد للانتقال إلى مدرسة جديدة، حينها واسته أمه وأخبرته أنها ردة فعل طبيعية لصبي صغير، أما والده فقد أخبره أن الرجال لا يصابون بنوبات الذعر التافهة!

خاصة رجال عائلة يلدز!

حسناً لقد أصاب الذعر ياغيز الآن، والمشكلة أنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن السبب! 

شيء آخر لم يملك ياغيز أدنى فكرة عنه وهو: القفز وراءها! 

في الواقع ربما كان يعرف.. 

بعد أن ترك هازان في الزقاق واحدها، ذهب ياغيز إلى أقرب حانة ليتناول مشروباً، لقد احتاج مشروباً قوياً للغاية. 

كان يجلس وحده وعقله يعيد جداله معها من أوله حتى آخره! لقد أعاد الأمر كله في رأسه ثلاث مرات، من بدايته وحتى نهايته.. وفي كل مرة شعر فيها بالخزي من تصرفه احتاج أن يحصل على مشروب جديد. 

لم يشعر ياغيز عادة بالأسف حيال الأشياء التي ارتكبها.

لكنه الآن كان قد آذى هازان، لا، لم يؤذها، بل سحقها!

وبينما كان يبتعد عنها تاركاً إياها وحيدة أطلق ضميره اللعين موجة جديدة من المشاعر والعواطف الغريبة وغير المعروفة، مشاعر لم يستطع أن يدفعها بعيداً. لقد كادت هذه المشاعر تسقطه أرضاً من فرط قوّتها! 

لم يتذكر ما التقطه من الأرض إلا بعد أن أخرج محفظته ليدفع للحانة.. كان شيئاً مطوياً ومبللاً قليلاً.

كان صورة! 

بدت مهترئة وقديمة. 

فتح ياغيز الصورة بعناية، معتقداً أنه سيرى هازان بصحبة رجل لم يره في حياته من قبل، وبدلاً عن ذلك تلقى صدمة قلبت عالمه رأساً على عقب، صدمة جعلته يشعر أنه أحقر الرجال في تركيا. 

بالطبع كانت هازان في الصورة، لكنها لم تكن نفسها هازان التي حادثها منذ ساعات، الفتاة التي رآها منذ قليل كانت جوفاء، نحيلة، حزينة، شعرها مشعث.. 

أما هازان التي في الصورة كانت تتوهج فعلياً..

كانت ترتدي بنطالاً من الجينز وقميصاً أسود ذو أكمام قصيرة، كان شعرها الأسود الطويل مجموعاً في جديلة تنساب على كتفها، وفوق رأسها رفعت نظاراتها الشمسية.

كانت تبتسم، وكانت ابتسامتها مشرقة. 

بدت هازان في الصورة سعيدة للغاية، على الرغم من أنها كانت تجلس القرفصاء أمام أحد ملاعب كرة القدم في إيطاليا.

كانت ذراعاها ملفوفتان بلطف حول شخص آخر..

ثم أدرك ياغيز لمَ كانت هازان سعيدة للغاية!

حُطام | BROKENحيث تعيش القصص. اكتشف الآن