منذ اللحظة التي خطا فيها ياغيز داخل بناء الوزارة، عرف أن أمراً ما لم يكن على ما يرام..
لم يكن هناك شيء مختلف بشكل واضح، لقد كان الأمر يشبه شعوراً ما في داخله، وشعوره لم يكن يخطئ أبداً.
من الخارج بدا الأمر مثل أي يوم عادي، لقد قابل موظف الاستقبال عند المدخل، وما إن مشى قليلاً حتى رأى أردال، مما أثار انزعاجه، لقد خاف أن ينتبه إليه الرجل فيعلق في محادثة صباحية طويلة، لكن أردال بدا مستعجلاً جداً، ولهذا كان ياغيز شاكراً.
عمل ياغيز حتى منتصف الليل في محاولة لاختيار مكان جديد لتشييد المتحف، وكان متأكداً أن المكان الجديد سيكون مناسباً لتنفيذ المبنى بشكل أفضل، وتمنى أن لا تواجهه مشكلة كهذه مرة أخرى..
وتمنى حقاً أن تكون هازان ماهرة كما يقولون وأن تكون قد وجدت حلاً للمشكلة حتى يستطيع الانتقال إلى مشروعه التالي..
بينما كان يمشي في الردهة الواسعة للوزارة نظر ياغيز حوله، كان كل شيء لا يزال على حاله، نفس الزحام والضجيج القديم، نفس الوزارة الممتلئة بالناس في بداية يوم العمل، وصل أخيراً إلى المصعد الذي سيقله إلى الطابق الذي فيه مكتبه.
كان كل شيء على حاله، لكن ما زال يشعر أن هناك شيء ما ليس على ما يرام.
عندما ما مر من الباب المؤدي إلى قسمه، تأكدت شكوكه.
لقد خرج من المصعد، ووقع في فوضى عارمة، كان المكان يموج كيوم الحشر، وأراد ياغيز بشدة أن يستدير ويخرج قبل أن يراه أحد ما ويطلب مساعدته، كان لديه أشياء أفضل ليفعلها، ولكن هذه الأشياء موجودة في مكتبه!
لذلك خطا ياغيز خطوة إلى الأمام بدل أن يخطو إلى الوراء، كان الناس يتحدثون، وسمع أصوات غضب عالية، أما الموظفون فكانوا يركضون مع الملفات والقوائم من مكان إلى مكان، بينما تظاهر آخرون بالعمل وكانوا في الحقيقة يثرثرون.
وبين الوجوه كان هناك أناس لم يرهم قبلاً يتجولون بين المكاتب، ما الذي يحدث حقاً؟!
عندما مر أمام مكتب أحد الموظفين وجد عليه كوب قهوة ورقي جديد يتصاعد منه البخار، فمد يده وأخذه، وتجاهل الرجل الذي صرخ فيه أن يحضر كوباً بنفسه.
كانت الساعة التاسعة صباحاً، لكن بدا أن كل الموجودين في المكتب موجودون هناك منذ مدة طويلة جداً.
هؤلاء الفقراء الذين يضطرون للعمل فوق ساعات دوامهم ليحصلوا على زيادة في المرتب..
من الجيد أنه لا يحتاج أي زيادة على المرتب، ومن الجيد أنه يعمل ليملأ وقته لا ليحصل على راتب.
وبينما كان يحارب الفوضى حوله ليصل إلى مكتبه الذي بدا أنه يبعد عن المدخل ألف كيلو متر!
سمع ما بدا وكأنه اجتماع مثير إلى حد ما، يجري في غرفة الاجتماعات الرئيسة، ورغم الهياج حوله، استطاع أن يسمع صوت أحدهم يصرخ من الداخل: "من بين كل الأشياء الأنانية الحقيرة، أنت أكثرها أنانية.. لقد كانت مسؤوليتك اللعينة أن تنتبه لها، وتركتها تتأذى! إنها في المشفى بسببك وبسبب ضغينتك التي لم تستطع السيطرة عليها!"
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romansشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.