كانون الثاني/ يناير
بالنسبة لياغيز كان أسوأ شيء في أيام العطل والإجازات هو العودة إلى العمل بعدها.
كانت العطلات دائماً تجعل عقله مشوشاً وتدمر روتينه الدقيق، لم يكن قادراً على التركيز، ولم يكن قادراً على العمل، وكان يحتاج إلى كمية وفيرة من القهوة ليتجاوز أول يوم فقط..
وغالباً ما كان يقضي وقتاً كبيراً من الوقت في أحلام اليقظة بدلاً من اهتمامه بالمشاريع التي بين يديه..
ولهذه الأسباب كلها كان من النادر أن يأخذ ياغيز إجازة..
لقد أحب العمل، وحافظ عليه رغم عدم حاجته له..
هذا الصباح استجمع ياغيز كل قوة إرادته ليجبر نفسه على مغادرة السرير حين رن منبه هاتفه..
ركل الأغطية من فوق ونهض من سريره وألقى نظرة متعبة على الهاتف وأسكت صوته بحركة من يده.
كانت الساعة تقترب من السابعة، ومع أن هذا هو وقته المعتاد للاستيقاظ إلا أنه لم يستطع كبح تثاؤبه..
لم يكن قادراً على النو م في المساء، ولهذا غفا في حوالي الرابعة صباحاً، لكنه استيقظ فجأة بسبب كابوس بعد ساعة ونصف..
كان الأرق يزداد سوءًا..
وكان هذا هو المجرى المنطقي للأمور بسبب كل الأمور التي تشغل رأسه.
كان تالفكرة الأبرز التي مرت في ذهن ياغيز بسيطة إلى حد ما..
لم يسنح له الوقت ليخبر هازان بأهمية إبقاء حالة والده سراً لنفسها فقط.. لكنه لم يعتقد أن لديها أحداً آخر غير أصدقائه وأمه لتخبرهم بالأمر..
لقد وثق بها بما يكفي، وكان متأكداً أنها ستبقي فمها مغلقاً..
كان واثقاً أن بإمكانه أن يطلب منها أن لا تتحدث، لكن ربما كان من الأفضل ترك بعض الأشياء دون قولها..
أثناء الاستحمام فكر في إجازته في باريس..
تحولت العطلة القصيرة لقضاء عيد الميلاد في باريس، إلى عطلة طويلة قضوا فيها رأس السنة أيضاً..
ومن ثم تحولت عطلة رأس السنة في باريس إلى أربعة أيام أخرى من التجول والاستمتاع بالمدينة..
عاد ياغيز إلى إسطنبول في الليلة السابقة، وكان ذلك بسبب قرارهم الجماعي بالعودة إلى العالم الحقيقي مرة أخرى..
لكن ياغيز لم يرد العودة..
لقد منحه الابتعاد تلك الحياة الطبيعية التي كان يتوق إليها سراً في نفسه..
في باريس لم يكن ابن محمد وكريمة يلدز، لم يكن ابن صاحب أكبر الشركات في المقاولات..
لقد كان هو ببساطة.. ياغيز يلدز.. الشاب البالغ من عمره ثلاثين عاماً، والذي أراد فقط قضاء بعض الوقت مع صديقيه المقربين، والفتاة التي تكاد تصبح صديقته تقريباً..
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.