المؤامرة

246 19 11
                                    

انتقلت هازان من الدموع والبكاء إلى الذعر، ثم وقفت وعيناها متسعتان من عدم التصديق، ومع ذلك بدلاً من أن تقول له "ما الذي تفعله هنا؟" قامت برفع رأسها إلى السماء وصرخت: يا إلهي ألم تعاقبني بما فيه الكفاية!

مرتبكاً من ردة فعلها قام ياغيز بطوي ذراعيه حول صدره وقال: يبدو أنكِ غاضبة جداً يا هازان!

بدت متعبةً كثيراً وهي تجيب: ما الذي تفعله هنا يا ياغيز؟ هل أتيت لتسخر مني؟ أنا أعلم أن هذا وضع مثالي لك، خاصة مع ميلك الملتوي لجرح الناس في أضعف حالاتهم، لذا هيا، تفضل، افعل ما تريد، لقد سئمت من محاربة الجميع.

جاءه رده من لاوعيه: إذن لا تحاربي.

سألت متفاجئة: ماذا؟!

لم يجب ياغيز على سؤالها فوراً، ولم يتفاجأ لأنها تظن به ظناً خاطئاً لهذه الدرجة، فقد كان عليه أن يعترف أن سلوكه تجاهها لم يكن الأفضل على مر السنوات، لكن ما أثار دهشته كان أن نبرة صوتها اللاذعة أحرقت صدره، لم يكن من المفترض لياغيز أن يهتم بما ظنّته هازان عنه، لقد كان رأيها بالنسبة له غير مهمٍ أبداً، تماماً كحبة غبار فوق رف الكتب، أو هذا ما ظنه على الأقل.

ولهذا اختار ياغيز كلمات إجابته بعناية: هذا صحيح يا هازان، ربما سابقاً لم أكن لأفوت مثل هذه الفرصة، ولكنني للأسف نضجت، ونيتي من اللحا...

قاطع نفسه وصحح كلامه: نيتي من القدوم إلى هنا..

قاطعته هازان هذه المرة: إذن لماذا أنتَ هنا؟

مرت لحظة توتر بينهما في حين سارع ياغيز للحصول على إجابة لسؤالها، كان الأمر معقداً، لم يكن أبيضاً وأسوداً كما كان سابقاً، وفي الأسبوعين الماضيين بدأ ياغيز يدرك هذا بشدة: جئت لأشكرك على ما أفترض، لبضعة أشياء، أولها الدفاع عن والدتي.

اتسعت عيناها وأصبحت بشرتها الشاحبة شبه شفافة: أنت تعني...

لوح ياغيز بيده رافضاً لمجرى الحديث، لأنه وفي نظرة عامة للأمور لم يكن مهماً أبداً أنه استمع لجدالها هي وجوكهان: نعم، نعم، لقد سمعت جدالكما، كان من الصعب عدم القيام بذلك، لأنكِ كنتِ تصرخين في وجهه.. والجميع يعرف أن الغرف العازلة للصوت موجودةً فقط في جناح الطب النف...

أوقف ياغيز نفسه عن الكلام، لقد قال الكثير..

إن كانت قد أحست أنه قد زلّ أمامها بالكلام فإنها ولحسن الحظ لم تذكر ذلك وقالت: لقد نسيت هذا، ثم جففت عينيها بسرعة بكم قميصها، بدت متوترة، لكن على الأقل لم تكن تبكي.

وهكذا اعتبر ياغيز مهمته منجزة.

ولكن مهلاً، هل كانت مهمته حقاً ألا يجعلها تبكي؟!

تحول ياغيز فجأة للاهتمام بزهرة حمراء كانت تنمو إلى جانب مكان وقوفه، بينما كانت هازان تحدق بجواربها البرتقالية السخيفة، وهي تشهق وتحول ثقل وزنها من ساق إلى أخرى، كان من الواضح أن الوقوف طويلاً يؤلمها، ثم أين كان عكازها الذي ستعتمد عليه لما تبقى من الشهر! إذن لماذا لم تكن تجلس! ربما لم تشعر بالراحة بما فيه الكفاية لتجلس بحضوره، كما أنه لم يقدم لها أي سبب لتشعر بالراحة.

حُطام | BROKENحيث تعيش القصص. اكتشف الآن