لقد ضاع ياغيز في عدّ المرات التي غرق هو وهازان فيها في صمتٍ مزعج، وأخذ يركز على أي شيء حوله إلا المرأة التي تجلس بجانبه، كان تجاهلها أسهل له، خاصةً عندما لمست يدها ساقه وأحس ياغيز بمدى برودة أصابعها، وبانزعاج شكرَ الله لأنه أعطاها سترته.
حتى آخر أيام حياته سيظل ياغيز عاجزاً عن تفسير سبب بقائه هناك، بجانبها.
كان في الحقيقة يفعل ما طلبته والدته منه، لقد تحقق أنها وجوكهان لم يذبحا بعضهما، لكنه الآن كان يقوم بأكثر مما طلبته أمه، ولم يدرِ لماذا كان جالساً بقربها حتى الآن؟
قال ياغيز في محاولة لإجراء محادثة: أخبرني دمير عن هاتفك، هل يمكنهم إصلاحه؟
أخفضت هازان عينيها إلى الأرض ومدت يدها إلى الجيب الأيمن من ثياب المستشفى وأخرجت هاتفها الميت، كان ما يزال في داخله أثر لبعض التراب جراء ارتطامه: لا، غالباً سأحتاج لشراء واحدٍ جديد.
هبت ريح قوية، وراح ياغيز يرتجف برداً، في حين بدا على هازان أنها لا تلاحظ شيئاً، وفكر، أنه إن لم يتحدث الآن فإنه لن يتحدث أبداً: شكراً لكِ هازان، على إنقاذ ياسمين في أنقرة.
ابيض وجهها كورقة: ماذا؟ أخبرتك بكل شيء؟ لقد أخبرتني أنها ستفعل، لكن لم أعتقد أنها ستخبرك بوقتٍ قريب.
تمتم: لقد سمحت لي بقراءة مذكراتها عن الحادثة.
حدّقت هازان في السماء، وراح ياغيز يحدق فيها.
ثم قالت هازان بصوتٍ هادئ وخشن: كانت تلك الليلة من أسوأ خمس ليالٍ مرت عليّ في حياتي..
لقد فهمها ياغيز تماماً، فهو أيضاً كان لديه ليالٍ سيئة في حياته لا ينساها أبداً: لقد فعلتِ ما بوسعك..
أغمضت عينيها وارتسمت تعابير الألم عليه من جديد: لا تقل هذا يا ياغيز.
وبدا له أنها تعيش تفاصيل تلك الليلة مرة أخرى، ثم أكملت: كانت ياسمين تخبرني بهذا لأكثر من خمس سنوات، لكن ما فعلته جريمة لا تغتفر، القتل جريمة لا تغتفر، كان بإمكاني أن أضرب رأسه، لكن.. لكن عندما رأيت ما كان يحدث، ما الذي كان يفعله بها، عندما سمعت صراخها..
لم تلتفت أبداً إليه وهو يحادثها، وبدا صوتها بارداً: لقد كان قتله هو أبسط شيء أردت أن أفعله به.
لقد فهمها ياغيز.
سحبت هازان نفساً هشاً ومسحت دموعها: إن ياسمين لا تلومني على ذلك، لكنني ألوم نفسي، لقد لحق بي ذلك الرجل في البداية، وكل ما فعلته هو أني خدشت كتفه واختبأت، أخذ مني الأمر خمس عشرة دقيقة لأستجمع نفسي لألاحقه، لكن كان الأوان قد فات، سمعت صراخ ياسمين، وفوراً وجدت نفسي أقوم بما قمت به، كل ما أتذكره السكين في يدي.. و.. توقف كل شيء بعدها.
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romanceشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.