خسران كل شيء

236 19 10
                                    

السطور بالخط المائل هي "فلاشباك وذكريات لهازان تتذكرها خلال الأنشطة اليومية التي تقوم بها"


حدقت هازان.

لم تكن تحدق بشيء محدد على وجه الخصوص، فقد جلست في فناء منزلها وحدقت بالبحيرة، وفي سماء شهر تشرين الثاني الرمادية، كان من المفترض أن يكون الجو بارداً جداً، لكن هازان لم تشعر بأي برودة.

حركت الرياح شعرها المبعثر أمام وجهها، لكنها أبعدت الخصلات الطائشة عن وجهها ووضعتها خلف أذنيها.

لفتت نظرها الطيور المهاجرة، وغرقت أكثر في أفكارها، وراحت تتساءل كيف كانت ستكون حياتها لو أنها واحدة من هذه الطيور، لم تستمر كثيراً في دوامة أفكارها، فلقد كانت لديها العديد من الذكريات التي لن تستبدلها مقابل أن أي شيء في العالم، بالذات تلك الذكريات التي تشبثت بها بقوة وهي تحدق في اللامكان.

مسدت بيدها شعره البني الجامح، وهي تمرر أصابعها خلاله بلطف، لطالما كان شعره ناعم الملمس تماماً كما يوحي مظهره، وعلى الرغم من أنه انزعج من لمستها وتحرك قليلاً، إلا أنها لم تستطع أن تمنع نفسها من تمسيد شعره مرة أخرى قبل أن تتوقف عن ذلك وتخرج من الغرفة وشفتاها منحنيتان نحو السماء مبتسمة للطفل النائم على السرير.

لقد كان يومهما طويلاً جداً استحق كل العذاب الذي مرَّا به معاً، ففي النهاية وبعد طول عناء انتهت الحرب، وانتصرت هي وابنها.. الآن يمكنها أن تتنفس.

أغمضت هازان عينيها واستمعت للأصوات حولها.

صوت الريح القوية، وزقزقة العصافير، وتكسر الأغصان، حتى إنها استطاعت أن تسمع صوت دقات قلبها..

ومهما حاولت كان أكثر ما استطاعت أن تسمعه هو نبرة الكراهية في صوت سنان في تلك الليلة التي تشاجرا فيها، في الليلة التي رحلت فيها.

تصدع صوت سنان: ألا ترين ما الذي تفعلينه بي!

اهتزت كتفيها وهي تبكي: أنا آسفة، آمل أن تسامحني يوماً ما، آمل أن تفهم أن نيتي لم تكن أن أؤذيك أبداً، لن أؤذيك أبداً يا سنان..

في بعض الأحيان تمنت هازان لو أنها صماء، حينها لم تكن لتسمع الشائعات التي يتداولها الناس عندما تمر من أمامهم ويظنون أنها لا تستمع.

لو كانت صماء لما سمعت الألم في صوته.

بدا مذعوراً والدموع الحزينة تملأ عينيه: لكني.. أنا أحبك يا هازان.

ابتلعت ريقها: أنا آسفة.

انفعل سنان: بعد كل ما مررنا به، لا يمكنك أن تقولي هذا.

لكنها قالت ببرود: بلى يمكنني، لقد فعلت ذلك للتو.

جلست على كرسيها وفتحت عينيها محاولة إغلاق أذنيها.

حُطام | BROKENحيث تعيش القصص. اكتشف الآن