حفل عشية عيد الميلاد

89 9 5
                                    

كانت حفلة عشية عيد الميلاد وكان ياغيز يشعر بالملل الشديد، لكنه احتسى مشروبه واستمع إلى الثرثرة الفارغة للرجل الأكبر سناً الذي لا يتذكر اسمه أبداً.. هل كان اسمها هاكان؟ أم جيان؟ يا للهول! لم يكن يعرف! 

"لقد قام فريق التزيين بعمل رائع في قاعة الرقص" 

كان هذا صحيحاً، واعترف ياغيز بذلك بإيماءة من رأسه.

كان الحفل يسير على ما يرام، فقد أذهلت والدته الجميع بجمال وروعة قاعة الرقص لدرجة أن أحداً من المدعوين المئة لم يسألوا عن مكان والده، مما أراحه ووالدته لأقصى حد.

لكن الليلة لم تنتهي بعد.. 

كانت قاعة الرقص المفعمة بالحيوية والمليئة بالمحادثات توحي بكل وضوح بمستوى الثراء الفاحش لعائلته، كان كل شيء في المكان مزيناً بالفضة أو الذهب. 

كانت تلك سهرة العام التي ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، ويرتدون أفضل ملابسهم لإبهار الحضور. 

تجول الرجال والنساء في أرجاء الغرفة في دهشة تامة، مرتدين أغلى ملابسهم، وواضعين أكثر مجوهراتهم قيمة. 

وكانت وسائل الترفيه وفيرة ومتوفرة للجميع: الرقص، مراقبة النجوم على الشرفة، الثرثرة حول ملابس النساء الأخريات، البحث عن العشبة المتدلية من السقف والتقبيل تحتها، تكوين معارف جديدة والحديث معهم، والتبرع لإحدى الجمعيات الخيرية الكثيرة التي تدعمها الأسرة. 

كانت القاعة مضاءة بالكامل بالشموع، وكان هذا مبهراً للجميع حقاً، وكان المكان يعج بمنحوتات جليدية تزين المكان أمام طاولة المشروبات، وكانت أطباق الحلوى اللذيذة تطوف في المكان محمولة بأيدي ندّل لا يتكلمون أبداً ويبتسمون فقط. وكانت الموسيقا تتدفق من فرقة الأوركسترا المكونة من عشرة أفراد، والتي استأجروها خصيصاً لإحياء هذا الحدث الرائع. 

ثم كان هناك شجرة عيد الميلاد التقليدية، والتي ارتفعت عالياً عن الأرض، كانت مزينة بشكل كثيف وجميل بمصابيح فضية وذهبية. 

كانت الغرفة بأكملها تبدو وكأنها حلم يتحقق.. 

وكان ياغيز مستعداً لينتهي الحفل أخيراً.. 

لم ير ياغيز والدته منذ بدء الحفل، لكن هذا كان عادياً، فقد سعى الجميع إلى والدته لأسباب متنوعة: تقديم المجاملات، المحادثة، الحرص على رفع أسهمهم في مجتمع الطبقة المخملية.. 

كانت العقلية السائدة هي "الاستفادة من مكاسب شخص آخر لتحقيق الهدف"، وكان ياغيز يعرف المتسلق الاجتماعي عندما يلمحه، وكان هاكان، أو جيان أو أياً كان اسمه، يجسد التعريف الكامل للمتسلق الاجتماعي.

سمعه يسأل: أين والدك؟ لم نعد نراه كثيراً.. 

كاد ياغيز أن يرتجف، لكنه تمالك نفسه وهو يكرر قصتهما الخيالية التي اتفقا عليها لأول مرة بنبرة راقية متكبرة: إنه في قبرص، في إجازة شخصية، أثق أنه سيعود إلى اسطنبول في الصباح. 

حُطام | BROKENحيث تعيش القصص. اكتشف الآن