استيقظ ياغيز يلدز في سريره، وداعبت أنفه رائحة البيض المقلي مع الطماطم.
للحظة ظنَّ أنه في القصر، وأنّ الخدم يحضرون له الفطور إلى سريره الكبير كما كانوا يفعلون في كل يوم عطلة، سحب نفساً عميقاً، بالتأكيد لم يكن في القصر، كان ما يزال في منزله، محاطاً بلحافٍ سميك وجبل من الوسائد المريحة التي دفن نفسه تحتها، وبهدوء رفع رأسه من تحت الغطاء لينظر حوله.
استنشق الهواء مرة أخرى، كان يشم الآن رائحة نقانق مصاحبةً لرائحة البيض، غمغم لنفسه مندهشاً، لم يكن يعرف أن هناك نقانق في مطبخه.
تدحرج وجلس بشكل مستقيم في السرير، كانت رقبته تؤلمه، لكنه كان بحالٍ أفضل من الليلة السابقة، كل شيء كان بحالٍ أفضل ما عدا كبرياؤه المجروح.
رمى الأغطية عن جسده وفاجأته لفحة الهواء البارد التي ضربت صدره العاري، وقرر أنه كان بحاجة لقميص، لكنه رأى أن القميص لم يكن ضرورياً جداً في هذه اللحظة.
بمجرد أن قام بترتيب السرير، تثاءب ومدَّ يديه فوق رأسه لتستطيل عضلاته، ثم أخرج أنيناً مرتاحاً من فمه حين فرقع مفاصله، بعد ذلك بحث عن قميص وجده في كومة الغسيل المتسخ.
بعد الكثير من المحاولات التي قام بها ليتفاهم مع آلة الغسيل الجديدة التي اشتراها مؤخراً، كان قد قرر أن يخدع ياسمين بكلامه المعسول لتقوم هي بتشغيلها عندما تزوره في المرة المقبلة..
دخل الحمام وفرَّش أسنانه، وترك شعره مبعثراً، وأمام المرآة، نظر إلى علامات يد والده على عنقه.
قرر تجاهل الأمر برمته، فالحياة تمضي، وليس أمراً ذا جدوى أن يفكر بتجربته القريبة من الموت تلك.
لم يكن ياغيز قادراً على التعامل مع الكثير من المشاكل دفعة واحدةً، ولهذا كان يحل مشاكله بالترتيب، ولا يلتفت لمشكلة جديدة حتى ينتهي من الأولى، وكانت المشكلة التي تلح عليه الآن هي معضلة الدخيل في منزله الذي يطهو له الفطور.
في الحقيقة لم يكن الدخيل دخيلاً حقيقياً، فمع أجهزة الإنذار الحديثة، لا بدّ أن أياً من كان في منزله هو واحد من أصدقائه المقربين الذين يملكون كلمة السر لجهاز الإنذار.
مع ذلك، وضع ياغيز تعبيراً عابساً على وجهه، واتجه نحو المطبخ، كان شعره ما يزال أشعثاً، لكنه على الأقل مرتدٍ لقميص الآن، لم يكن مستعداً لما رآه أمامه، فهناك في وسط مطبخه كانت تقف ياسمين، مرتديةً مريولاً وفي يدها مقلاة تقلب محتوياتها، لم يكن يعرف أن بإمكانها غلي الماء، ناهيك عن طهيها للفطور، كان مظهرها مخيفاً، التفتت إليه وعلى شفتيها ابتسامة فاسقة وهي تقول بدلال: صباح الخير أيها الوسيم.
ارتفع حاجباه وهو يراقبها بمزيج من الافتتان والفضول: وما الذي تفعلينه هنا بالضبط؟
تحولت عيناها عن المقلاة إلى عينيه: أليس الأمر واضحاً؟
أنت تقرأ
حُطام | BROKEN
Romansaشعر ياغيز بشيء يشبه الشفقة تجاه المرأة التي أمامه. لقد أقلقته هذه الشفقة إلى مدىً بعيد، لكن ما أثار اشمئزازه هو أنَ أحداً ما تمكن من تحطيم هازان شامكران إلى درجة جعلت من الصعب أن يتعرف عليها أحد.