-الفصل الثاني و الخمسون-

1.6K 67 29
                                    

لم تستطع النوم للحظة واحدة..كانت كلمات والدها في الرسالة تتكرّر في ذهنها بغير توقف..كان هناك ألم غير معتاد يحتل قلبها طوال الوقت..و حتى بعد أن تناولت دواءها لم يخف إلّا قليلاً..

فظلت تتقلب في الفراش الذي اتجهت اليه بخطواتٍ متخاذلة لساعات و ساعات..تنتظر طلوع الفجر فقط لتتصل بعماد و تقابله مفصِحة عن قرار جديد اتخذته بعد صراع طويل خاضته مع نفسها لساعات..

و ما إن حل الصباح..كان أول شيء فعلته أن اتصلت به لتطلب أن يلتقيان في نفس الحديقة التي قابلته فيها ذات مرة..حينما أخبرها بأنه سيتخلى عن دوره كطبيب نفسي ليصبح صديقها..

كانت هذه أول مرة تبادر هي بالإتصال..و استطاعت أن تلمح الدهشة واضحة في صوته و هي تخبره عن رغبتها بمقابلته..لكنه وافق بالطبع..و ها هي ذي تنزل من سيارة الأجرة مقتربة من الحديقة الشبه فارغة في هذا الوقت من الصباح..

كان قد وصل قبلها..لكنه كان يتحدث على الهاتف.. يقف أمام أحد الكراسي الذي يبدوا بأنه كان يجلس فيه قبل أن يتلقى تلكٓ المكالمة..اقتربت منه بهدوء إلى أن وقفت خلفه بدون أن تناديه..

فقد ظلت واقفة هناك تنتظره أن ينتهي من مكالمته تلك بينما أناملها تتلاعب بحزام حقيبتها المعلقة على كتفها و كأنها تحاول أن تتمالكٓ أمر ذلكٓ التردد الذي لا يزال ينتابها داخلياً بشأنهما..

لكنها عقدت حاجبيها ببعض القلق و هي تسمع جملة قالها بين حديثه ؛

_حسناً..سأمر عليكٓ في المساء لأطمئن..و رجاءً..رجاءً توقف عن إجهاد نفسك..لا أريد أن ينتهي بي الأمر أقف أمام جسدك المسجى فوق سرير بالمشفى مجدداً..

أنزل الهاتف تزامناً مع التفاته نحوها مباشرة..لكنه أجفل و هو يراها أمامه..ثم قال باندهاش بينما يدس الهاتف في جيب سترته الداخلي ؛

_متى وصلتِ ؟!!

همست نهى و هي تنظر لذلكٓ التعب الذي يحتل وجهه بغير تركيز ؛

_ليس منذ وقتٍ طويل..

ثم سألت فوراً و هي تشير بذقنها إلى جيب سترته حيث وضع الهاتف ؛

_ما الذي حدث ؟ مع من كنت تتحدث ؟!

تنهيدة طويلة سمعتها منه..ثم قال بصمود ؛

_والدي..لقد سقط يوم أمس مغشياً عليه و نقلناه للمشفى..

اتسعت عيناها قليلاً بذهول..لكنه تداركٓ بسرعة و هو يقول بثبات ؛

_قال الطبيب بأنه تعرض لهبوط مفاجئ نتيجة للإجهاد..لا تقلقي..لقد عاد للمنزل صباح اليوم و هو أفضل حالاً الآن..

اومأت له نهى بغير اقتناع تام..لكنها رغم ذلكٓ همست بخفوتٍ ؛

_هل يمكنني أن أذهب لأراه ؟

وهم الكبرياء (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن