وهم الكبرياء (مكتملة)

-الفصل السابع و العشرون-

في الحياة..جميعنا ننسى أثناء انشغالنا باستشعار النقص الذي لدينا..أن لا أحد..لا أحد في هذه الدنيا مكتمل..لكل واحد منا نقص حاد لا يراه الناس..

يستشعره بقلبه فقط..منا من يداري هذا النقص بتزييف الإكتمال..و منا من يحاربه بشجاعة إلى أن يبلغ درجة الشعور بالإكتمال..و منا من يستسلم تماماً مع فكرة أنه لن يصل إلى نقطة الإكتمال يوماً !!!

كانت قد توقفت أمام مقر عمله..لتنزل من سيارة الأجرة و تنتظره هي اليوم على عكس العادة..دفعت للسائق ثم اقتربت من الرصيف لتتوقف هناك عاقدة ذراعيها تناظر الباب العريض لهذه الجريدة المشهورة بلهفة يشوبها توتر كبير..

فاليوم ستتخلص من هم كبير بإطلاع والدتها من باب القرابة لا غير أنها ستتزوج..ستتزوج من شخص تريده بكل جوارحها..

رغم مرارة التفكير بأنه لا يزال حتى الآن يحب واحدة أخرى لكنها ستنتظر..ستتحمل و تنتظر بصبر ذلك اليوم الذي سيقف فيه أمامها مصرحاً بحبه لها..و انتماءه لها..لها فقط!

انخفضت أنظارها لتنظر لذلك الخاتم الذي يؤطر أصبعها..فابتسمت تلقائياً ابتسامة عاشقة و هي تستشعر جمالية انتماءها له..لم تكن تظن أبداً أن -الحب- جميل بهذا الشكل !!!

حب ؟!!! هل تستطيع حقاً أن تسميه حب ؟!!! لعله علاقة عاطفية لا أكثر..لكنها ستصبح قصة حب ذات يوم..ذلك اليوم الذي ستهمسها ناظرة إلى عينيه.. لتخبره أنه كان الأول و الأخير في قلبها و حياتها..

_هناء ؟!!!

قاطع سيل أفكارها هذا النداء القلق فرفعت رأسها بسرعة لتقابل عينيه..قبل أن تتلاشى ابتسامتها قليلاً فحسب و هي ترى ذلك الشحوب الذي كان يحتل ملامحه يمتزج مع قلقه الذي لم تعرف له سبباً..قالت مضيقة عينيها بقلق مشابه ؛

_هل أنتَ متعب ؟!!!

بدا كريم مندهشاً من سؤالها هذا..فرفع يده ليحك بها ذقنه و هو يقول مدعياً الإعتيادية ؛

_لا..أنا متفاجئ فقط من رؤيتكِ هنا..كنت سأمر عليكِ الآن..

عادت الإبتسامة لترتسم فوق شفتاي هناء و هي تهمس ؛

_لا بأس..أنا خرجت مبكراً اليوم..كما أنني..........

ألقت نظرة خاطفة للبناية حيث يشتغل و أكملت ببساطة ؛

_أردت أن أرى مقر عملك!

أومأ كريم و هو يتدبر ابتسامة استشعرت هناء زيفها..فعادت تهمس بقلق ؛

_أنت لا تبدوا طبيعياً اليوم..هل خالتي بخير ؟!!!

قال كريم بسرعة ؛

_بخير..إنها بأفضل حال..

تنهد بقوة و هو ينظر جانباً للحظة..و لم يستطع أن لا يقول بقلق بالفعل ؛