_من فعل ذلكٓ بـي...كان ابن الجيران !
لم يستجب لجملتها تلك..كانت عينيه تحملان شيئاً من الخوف و الترقب و هو ينتظرها أن تكمل..بينما تاهت عيناها بعيداً عنه و هي تسترسل بصوت مبحوح يرتجف ؛
_كـ..كان...يقطن في نفسِ الحي حيث أعيش..حتى أننا كنا نلعب سوياً في الطفولة في كثير من الأحيان.. و درس أول سنة ثانوية لديه عند أبي..عندما كبرنا.. كانت العلاقة بيننا قد أصبحت شبه منعدمة كالمتوقع..فقد أصبح كلانا شاباً يافعاً..كنت أنا فتاة متحفظة..أينما كنت فأصدقائي يعدون بالأصابع رغم سيرتي الطيبة بين الجميع..و تفاجأت به ذات يوم يضع قصاصة صغيرة من ورق فوق حاجز نافذة غرفتي الأرضية..أخبرني فيها حرفياً.." لقد كنت أحاول منذ فترة بأن أعترف لكِ بشيءٍ ما..لكنني و للسخرية خجلت منكِ فقد كنتِ متحفظة معي على الدوام حتى في إلقاء السلام بشكل لم يرق لي أبداً..المهم..لقد فكرت طويلاً في الأمر و اكتشفت بأنكِ الفتاة التي أريد إتمام حياتي معها..أنا أقف على بعد مسافة من النافذة..اقتربي منها لو أردتِ رؤيتي "..و اقتربت بالفعل...و رأيته !
كان ياسين يدقق النظر فيها بتركيز شديد..عينيه معذبتان تنتظران التتمة بتحفز..و أنامل يده الحرة تشتد حول نفسها بتوتر..
عكس براءة التي بدت و كأنها غادرت هذا العالم و طفت في عالمها الخاص بينما تكمل ؛
_تلكٓ كانت القصاصة الأولى..و تلاها الكثير الكثير من الرسائل لفترة طالت..كنت أتجنبها فيها و أتجنبه هو نفسه و كأنه لم يقل شيئاً..فقد كان يبدوا لي كشخص مضطرب و لا أدري لما..نظراته كانت تخيفني كلما مرٓرت من جانبه متظاهرة باللا شيء و قد فكرت بأنني لو تجاهلت الأمر فسيفهم رفضي و يتراجع.. لكنه على العكس تماماً..أصبح أكثر إلحاحاً في وضع القصاصات فوق نافذة غرفتي..أحياناً يقوم بالتعليق على موقف طرأ معي و رآه بدون علمي حتى ! و أحياناً يطلب مني أن أتوقف عن ارتداء لون معين لأنه يثير الأعين لي..و في مرة أخبرني بأنه تلقى للشاب الذي ألقى كلمة عابثة على مسامعي في الطريق و أبرحه ضرباً عقاباً له من أجلي !!!
انغلقت أنامله بقوة حول بعضها البعض بانفعال مكتوم و هو يجبر نفسه على التزام الهدوء..حتى لا يوقفها على الإتمام في منتصف كلامها..
خاصة و هو يرى عينيها تتقدان بنيران صامتة بينما تستأنف بدون أن تنظر له..و كأن كل غايتها هي البوح بغض النظر عن من يجلس بجانبها..
_كان ذنبي الأكبر الذي ارتكبته في حق نفسي أنني أخفيت الأمر عن أبي..لقد فكرت بأنه مجرد شاب طائش سيرهق من ملاحقته لي بمرور الوقت و يبتعد..إلى أن أتت لحظة استوقفني فيها أمام الجامعة..و كانت تلكَ المرة الأولى التي يتجرأ على التحدث معي شخصياً حيال الأمر..كان غاضباً و هو يعاتبني عن سبب تجاهلي لرسائله..بينما هو أكبر غاية لديه هو الوصول إلي..أخبرته بنبرة شديدة التهذيب بأنني أقدر مشاعره تلك لكنني لا أستطيع الزواج به الآن..و السبب أنني لا أطمح في الزواج قبل إتمام دراستي..لم يجب حينها..لقد ظل صامتاً و اكتفى بإيماءة لم أشعر بها عادية أبداً..فقد بدت نظرته إليّٓ غريبة جداً..أخافتني بشدة و جعلتني أعاود التفكير في أسلوبي خشية من أن أكون تجاوزت معه في الكلام..لكنه غادر بصمت..و إختفى بشكل مفاجئ لأيام عدة كنت قد ارتحت فيها ظناً مني بأنه نسي الأمر بالفعل..إلى أن تفاجأت بقصاصة جديدة..و تلكٓ المرة وجدته يتجاوز كل أسلوب للمراوغة و قال مباشرة " غداً سأزور منزلكِ لأطلب يدكِ من الأستاذ أحمد..هذه المرة لا أسألكِ..بل آمركِ..أقسم باللّٓه لو لم توافقي فسيكون لي تصرف آخر معكِ يا براءة ! "..
أنت تقرأ
وهم الكبرياء (مكتملة)
Roman d'amour• صحفية ناجحة • رجل أعمال مرموق • باردة الطباع • مغرور • تكتب عنه مقالاً يسِيء لسمعته فيقرّر الذهاب إلى مقابلتها و توبيخها.. • و إذا به يقع في حُبها من أول نظرة ! •••••••••••••••••••••••••••••• " أخشٓـى أن أمنـحٰ عينيـكِ وصْـفاً فأظلمٰـها ! " •••••...