-الفصل الرابع و الخمسون-

1.7K 51 37
                                    

لم يكن الغضب كلمة يمكن أن تصف ما يشعر به في هذه اللحظة..يقف على بعد خطوات تعد بالأصابع من أكثر إمرأة حمل لها الكره في قلبه خلال حياته..و بجانبه تماماً..تقف أكثر إمرأة حمل لها الحب في قلبه..تشاركه نفس الصدمة..

و قد كان الشيء الوحيد الذي جعله يستعيد تركيزه هو يدها التي كانت لا تزال تقبض على ذراعه حتى الآن..فلم يشعر بنفسه و هو يتحرك هامّا بالاقتراب من نهى و على وجهه نية واضحة بإمساكها من ذراعها و القاءها خارجاً..

هذه المرة لن يتهاون أبداً..هذه المرة الأمر لا يخصه فقط..و لا يخص فتاة غريبة لا يراها أكثر من موظفة تشتغل معه..هذه المرة الأمر يخصه هو و رؤى..لقد تجرأت و أتت بقدميها إلى حفل زفافه برؤى!

ما الذي تخطط له بعد ؟ ألا يكفي كل الأذى الذي تسببت به سابقاً! ألا تكفيها كل تلكٓ الدموع التي ذرفتها أعين رؤى و لحظات الفراق و العناد العصيبة التي عاشاها بسبب عقدة من الماضي!

لكنه توقف بفعل يد رؤى التي تمسكت بمعصمه أكثر لتمنعه قبل حتى أن ينجح في قطع خطوة بعيداً عنها..و بالكاد أرغم نفسه على أن يستدير إليها..لكنه لم يستطع أن يمنحها أكثر من نظرته الغاضبة..غاضبة بشدة..

همست رؤى و هي ترفع يدها الأخرى أيضاً متمسكة بيده ؛

_ماذا ستفعل ؟!

كان سؤالها يمزج ما بين الاستنكار و القلق..و لم يتردد عصام من الهتاف بصوتٍ منخفض لكنه يحمل نفس الاستنكار بصوتها ؛

_ما الذي سأفعله برأيكِ رؤى ؟ سأطردها !

ابتلعت رؤى ريقها بصعوبة و هي ترمق نهى التي كانت تنظر في جهتهما تماماً..لا تزال عيناها تحملان نفس التعابير الغريبة بالنسبة للإنسانة التي تعرفت عليها بشكل غير وثيق أبداً سابقاً..

ثم عادت تنظر لعصام قائلة بنبرة حاولت بأقصى ما تستطيع أن تكون ثابتة متعقلة ؛

_معها شخصٌ ما ! ألم ترى ؟!!!

بدا و كأن عصام لم يفهم مقصدها أبداً..و هو لم يفهم بالفعل..شعرت بأنه أغبى شخص في العالم و هي تسمعه يسألها بصوته الغاضب ؛

_و ماذا بعد ؟

قالت رؤى فوراً و بنبرة نافذة الصبر ؛

_ألم تفهم! ربما يكون من طرف أحد أفراد العائلة !

و كأن جملتها هذه فاقمت من غضبه..فوجد نفسه يهتف باستنكار أكبر و هو يقترب منها قليلاً بوجهه بغاية واحدة..أن لا يسمع صوته أحد غيرها..

_ماذا إذاً ؟ هل نتركها تتجول بيننا بكل بساطة ؟ هل ستحضر حفل زفافنا أيضاً ؟!

ثم أضاف فوراً و هو يضغط على أسنانه بغضب نادراً ما تراه يستوطن ملامحه بهذا الشكل ؛

_إنه حفل زفافنا رؤى !!!!

لانت نظرة رؤى بجملته هذه و ندائه الأخير..لكنها لم تتخلى عن موقفها رغم ذلك..بل قالت فوراً و هي تتمسكُ بيده و معصمه أكثر بدون أن تشعر ؛

وهم الكبرياء (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن