-الفصل الثامن و الثلاثون-

2K 68 122
                                    

_مـا......ماذا تفعلين هنا ؟!!!!!

كانت هذه أول جملة قالتها هناء بصيغة سؤال جامد جداً ما إن جلست بجانب والدتها..لوحدهما تماماً..فقد تعذر كريم برغبته في الراحة قليلاً ليلجأ لغرفته..

و اتخذت أمه عذراً أفضل..فقامت بهدوء بعد أن منحتها ابتسامة مشجعة لتختبئ في المطبخ..لتبقى هناء جالسة مكانها..

رفعت أسماء أنظارها إليها بتردد يشوبه الكثير الكثير من الخزي الذي لون نظراتها بشكل غريب..

الحقيقة أنها بدت غريبة بشكل كامل..بشحوب وجهها..و تلكَ الهالات التي برزت تحت عينيها..و نظرتها المستسلمة..بدت و كأنما تقدمت في العمر عشر سنوات في هذه الفترة القصيرة فقط!

لكن هناء..رغم تلكَ الغصة التي استوطنت بقلبها عميقاً لم تستطع إلاَّ أن تقابلها بجفائها المستحدث.. بعد أن غلبت قسوتها حِلمها..و انتصرت مشاعر الغضب و اليأس في قلبها على كل المشاعر الأخرى!

_لقد أتيت.......لرؤيتكِ!

لم تجب هناء..فقد ارتفع جانب شفتيها في ابتسامة ساخرة مريرة لتعبر عن رأيها في هذا العذر التافه الذي اختلقته أمها..قبل أن تهمس أسماء مجدداً بنبرة في غاية الإستسلام ؛

_لماذا لم تخبريني بأمر زواجكِ!

نظرت لها هناء في تلكَ اللحظة بتشوشٍ حقيقي..ثم لم تلبث أن قالت تكرر جملتها باستنكار ؛

_لم أخبركِ ؟!!!!

صمتت للحظة ثم أكملت بصوتٍ متجهم نافذ الصبر ؛

_هل ستقنعينني الآن بأنكِ لم تكوني على علم بزواجي ؟!..ماذا تفعلين هنا إذاً ؟!..ما الذي جعلكِ تظنين بأنكِ ستجدينني هنا !

رأت ذلكَ التوتر الذي لاح في عيني والدتها..ثم قالت بخفوتٍ ؛

_لقد اتصلت بحماتكِ و هي أخبرتني عن.......زواجكما !

تسمرت هناء قليلاً تنظر لها بغير استيعاب..قبل أن تهز رأسها قليلاً بذهول غير قادرة على منع ضحكتها الساخرة بينما تردف بغير تصديق ؛

_أخبرتكِ بزواجي!!..توقفي عن الكذب بالله عليكِ..لقد ضقت ذرعاً من كل ذلك!

كانت تلكَ أول مرة تخاطبها فيها بهذه القسوة..رغم أن علاقتهما لم تكن يوماً جيدة..رغم أنها صرخت في وجهها من قبل ليس لمرة أو اثنين..

بل آلاف المرات التي وقعت فيها في نقاش حاد معها بسبب أو بدون..إلاَّ أنها في كل تلكَ المرات لم تتجاوز حدود الإبنة..

أما اليوم..فهي تتهمها بالكذب..و هي كاذبة بالفعل!

أخرجت هاتفها فوراً لتفتحه على قائمة ما و ترفعه أمام وجهها..فاتسعت عينا أسماء بتفاجئ حقيقي و هي تقرأ حروف تلكَ الرسالة التي لم ترها من قبل.. قالت تبتلع ريقها أمام عينا هناء القاسيتين..

وهم الكبرياء (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن