-الفصل الرابع-

2.9K 102 8
                                    

لا يتذكر منذ متى و هو يراقبها!..

لقد وجد نفسه يتوقف تلقائيًا بمجرد وصوله لهذا المقهى الذي اعتاد أن يلجأ إليه في دقائق استراحته من العمل لاحتساء القهوة أو أيّ مشروب آخر قبل أن يتراجع في مقعده يتأمل حركة الشارع الهادئة من النافذة المطلة على الجهة الأخرى..و الأنيقة ككّل ركن في هذا المقهى الكبير ذات الطابع الكلاسيكي..

لكنه عاد و تراجع قبل أن تلمس يده الباب الزجاجي يهم بفتحه حينما...لمحها! و كأنما احتكرت لنفسها مكانًا غريبًا في كل ركن يحِبه..و في قلبه أيضًا!

لقد كانت تجلس بهدوء يكاد أن يكون مشابهً للذي يعتكفه كلما أتى إلى هنا..تتأمل حركة الشارع من النافذة المفتوحة بنفس طريقه..وحيدة..مثله!

ربما الفرق الوحيد بينهما كان طريقة جلوسها التي توحي بأنثى شديدة الرقي..و الرقة..و الجمال!

فقد كانت تضع قدمًا فوق الأخرى مرتاحة فوق المقعد بينما أناملها الشاردة حيث سقطت عيناه على سلسلة ذهبية أنيقة تلتفّ حول معصمها الرقيق تتلاعب عشوائيًا بفنجان قهوتها..

تضع سماعة لاسلكية استطاع أن يراها بسهولة..بما أنها كانت ترفع شعرها الناعم الساحر مثلها بمشبكٍ أنيق.. ترتدي بدلة رسمية عبارة عن تنورة بيضاء أنيقة..تحت قميص أبيض رسمي و سترة في نفس اللون..بدلة كاملة بيضاء بكل تفاصيلها..

بدلة لاقت بهويتها التي ستصبح عليها قريبًا كـ..محامية! محامية محترفة..فلا يمكن لذلكٓ العزم في عينيها..لا يمكن لتلكٓ الارادة الحازمة التي كانت تتعامل بها مع كل عمل جديد يكلفها به أن تخيب! و أن تكون من فراغ !!

ثم تأتي أخيرًا..نظاراتها الطبية! تلكٓ التي تمنحها هالة من الجدية الجذابة ! لكن حقًا ؟! هل هناكٓ شيءٌ واحد بات لا يراه جذابًا فيها ؟!!

إنه لا يكاد يستوعب فكرة أنه يعمل مع أخت صديقه الوحيد..ليستوعب الآن ذلكٓ الانجذاب الغريب الذي استوطنه نحوها منذ أول لقاء..و لا يزال يزداد بمرور الوقت غير قادر على كبحه أو التراجع !

نفس عميق سحبه إلى داخله..ثم كان يتحرك بهدوء مستقيمًا عن طرف الباب الذي كان يقف شبه ملتصقًا به أثناء تفانيه في التأمل..فتح الباب بهدوء ليتقدم نحو الداخل..نحوها!

إلى أن وقف أمامها لكنها لم تنتبه له رغم ذلكٓ في خضم شرودها..حينها قال هو يلفت انتباهها بسؤال مختصر ؛

_هل أستطيع الانضمام إليكِ ؟!

أجفلت مروى تلقائيًا ترفع رأسها نحوه..إلّا أن ملامحها سرعان ما عادت تستعيد هدوءها..ثم رفعت يدها تبعد السماعات عن أذنها و التي كانت صامتة أساسًا..و قالت أثناء ذلكٓ تحفزه برحابة شديدة ؛

_بالطبع..تفضل!

لم يتردّد فادي من أن يسحب الكرسي متخذًا المقعد الوحيد الإضافي و الذي كان في مقابلها..إلّا أنه لم يستطع أن يتحدث فورًا..و شعر و كأن تلكٓ الصفة التي وصفها بها سابقًا تنتقل إليه..

وهم الكبرياء (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن