بعد ١٩ سنه عام ١٩٨٩م..
طلت من دريشتها على الحاره وتنادي الأطفال الصغار الي يلعبون حول البيت، قرب منها واحد منهم ونطقت بإستلطاف: حبيبي تدري وين راح كِنان ؟
رد عليها مع انفاسه المتسارعه مع اللعب : مدري يا خاله، بس شفته ماشي طريق الوادي مع آسر
تأففت بعصبيه وهي تتلفت حولها ورجعت انظارلها له: تقدر تروح له وتنادي عليه؟ الجو مغيم اكيد المطر بينزل وهذا الوغد ما رجع من الصبح شوي ويأذن العصر!
لف الطفل على اصحابه وقوس حواجبه بعدم رضى: ودي ألعب مع اخوياي! اخاف اروح وماعد يلعبون معي وخلون!
حزنت عليه وهزت راسها بتفهم: زين خلاص رح كمل ألعب انا بروح له بنفسي
سحبت الطرحه من على الباب وغطت شعرها وراحت طريق الوادي وهي تتوعد في نفسها..
عند كِنان الي قعدت على غصن الشجره وبيدها منجا قطفتها من الغصن الي جنبها وعيونها على الغيم الي يسبح بالسما ورابطه خيلها الأبيض على جذع الشجره، لفت بفزع على الصوت الي سمعته ونزلت بسرعه وتلتفت عالمنجا الي صاحت من يدها عالأرض ورجعت انظارها لأمها الي مطقت بحده: كم مره قلن لك طلعه الوادي لوحدك ما ابيها !
كحت كِنان بخوف ونطقت بأقرب كذبه : كان ودي اجمع منجا من الشجره واجيتس البيت صدقيني! بعدين انا ما طلعت لوحدي كان أويس معي بس مشى!
غمضت عسونها بقلة حيوله وزفرت انفاسها ورجعت انظارها لبنتها وأشرت على آسر : يا ولدي من الصباح وانت هنا مع ذا البغل!! ما خليت ورع فالحارة إلا وقلت له يروح يدور عليك ولا جيت تتغدا حتى! وش عذرك الحين، سأل عنك ابوك ولا دريت وش اقول له!
حاوطت بذراعها رقبة الخيل : إلا آسر يمه لا تغلطين عليه! انا باخذ العتب عنه
مسكتها امها من طرف ملابسها بحنق وسحبتها : يالله عالبيت بسرعه!! الجو ما يبشر بخير وانت تستظرف هنا! تعال ساعدني فالبيت لو داهمنا المطر وأحنا نايمين وش السواه!
سحبت كِنان لجام أسر الي مشى وراها وأمها لازالت ماسكتها من كتفها
....
عند رعد الي رفع سبابته بتهديد ونطق : والله إن ما عقلت وصرت رجال بسوي شي ما يعجبك ولا يعجبني !
تنهد أويس بقلة حيله: يبه والله انه كذاب!! هو يكرهني بدون سبب وجاك يتبلى علي عندك
نزل العقال من على راسه بضيق: ارفع علومك يا ولد ولا تقول كذاب ! و أبو خليل وش مصلحته يوم انه يتبلى عليك؟ صح انه قاطع صلاه وخرطي لكن حاله حال نفسه!
قوس حواجبه ونطق ببراءة: مدري عنه! يمكن عشان أخر مره يوم أني ربطت ولده على ظهر الحمار!بس والله اني كنت امزح وخليل نفسه ما زعل مني بس مدري وش نوحه أبوه زعل!!
رفع العقال بتهديد: المزح الثقيل ذا انا ما أدانيه! ولا ابي مشاكل مع جيرانا تسنع وخلك رجال!
حك أويس راسه بملل: أبشر يبه ما يصير خاطرك إلا طيب
مدت الهنوف يدها وظربته على ظهره بخفه اول ما قفى زوجها عنهم ونطقت بعتب: الله يهديك ويصلح يا ولدييي! لزوم تضيق ابوكك!
اكتفى أويس انه يعتدل بجلسته ويضحك على نفسه كل ما تذكر منظر خليل وهو مربوط على ظهر الحمار داخل ارض ابوه!..
عند خليل الي قوس حواجبه ونطق بحده : يمه والله عيب الي تسوينه مع أبوي!! تدرين اننا نمزح ومع كذا رحتي عند أبوي تحتسي كل شي وزود! وهو بنفسه شافني ذاك اليوم ولا قال شي وش بلاه اليوم اشتط وراح للشيخ بعد حكيتس!
عقدت حواجبها : وش تقصد؟ يعني انا ماغير اهرج ؟ وأترك اخوياك يتمصخرون عليك وانا ساكته
وقف من مكانه ولف عليها بعتب : حنا نمزح! وطبيعي بكره اردها له ويردها لي الوضع سهالات، بس انتي مكبره الموضوع ورحتي علمتي أبوي
لف على الباب وطلع من البيت من دون ما يسمع امه الي نطقت بدون اهتمام: شكلي برجع اربيه من جديد
~~~~~
في بيت ابو تميم دخل البيت وقال بتنبيه : الله الله، السلام عليكم
ابتسم تميم ومسح على المسند الي جنبه: يالله حيه، وعليكم السلام تفضل اقعد بجنبي
بادله الأبتسامه وقبل راس ابوه وجلس جنبه ومد يده ياخذ فنجال أبوه: أسلم يبه هات فنجالك أزيده
ناوله وهز راسه: الله يصلحك ويهديك، قلي وش كان وده الشيخ حمد
قرب لأبوه الفنجال : أبد سلامتك، جمع أهل الديره ونوو يروحون ديرة الشيخ رعد
عقد حواجبه بإستغراب : الله يجعله خير، وليه نتجمع هناك؟ حكى لكم ولا!
اخذ رشفه من فنجاله : ناويين يحفرون بير في ديرتهم وتصير مشتركه بيننا وبينهم، يقول جاهم المنقب وقال ان تحت الأرض هذيك بير يسقي اراضي أهل الديار كلها، الحين يبه جيتك نروح لمهم سوا
نزل فنجاله وسند نفسه على المركى ووقف : أجل يالله قم يا ولدي نروح سوا مو حلوه بوجهنا نقبل عليهم متأخرين
ابتسم وهو يشرب ما بقى في فنجاله ويقوم ورا ابوه: أبد يبه رجلي على رجلك، بس بمر على أخوياي ونجيكم سوا
أبو فيصل بمزح : شلون رجلك على رجلي وبتروح عند اخوياك
ضحك فيصل : مدري والله شلون طلعت معي
تجمعوا أهل الديرتين في ديوان الشيخ رعد يتناقشون في موضوع البير الي اكتشفوه قريب
مشت بجنب أبوها وهي لافه الغتره على شعرها الأسود وتجر وراها آسر، ميلت على ابوها الي نطق وهو يوزع نظره عالجالسين فالديوان قبل لا يدخل : خلك بجنبي عشان يدرون الناس أن معي ولد ينشد فيه الظهر!
قوست شفايفها وهزت راسها بتفهم: وانا عند ظنك يبه، انت امش وانا وراك
ربطت آسر جنب الخيول المربوطه ودخلت المجلس واقفه على يمين ابوها الي رفع يده اليمين مرحب: السلام عليكم يا رجال
بادلوه التحيه وجلس بوسط المجلس وجلست جنبه بكل هدوء
فالجهه الثانيه من المجلس كانت عينه عليها من أول ما دخلت ولف على يمينه بهمس : هذا ولد منو ؟
أيهم وهو يدور على المقصود : وين أي واحد تقصد
فيصل : ذا الي تو دخل وسلم علينا
أيهم : مدري بس سمعت أنهم ينادونه أبو كِنان
رفع يده وضرب راس أيهم بخفه : يا غبي اسألك عن الولد مو الشايب، ابوه اعرفه انا أسأل عن ولده!" لف على كنان ورجع لأيهم" هو الي أسمه كنان ولا عنده أخ ثاني؟ يخي موب غريب علييي!
ليث قرب منهم يحاول يشاركهم : وش تقولون يا عيال اعتبروني واحد منكم عالأقل
دفه فيصل بإحراج: أبعد يا أبني! بسبتك الكل عرف عن وش نحتسي عنه
زم أيهم شفته وقرب لليث وهمس: بس كان يسأل عن الي تو دخل خفف لقافه الله يسلمك
أخذ أويس وخويه خليل و وليد فناجيل القهوه والدلال وصارو يلفون على الرجاجيل ألين وصل أويس عند كِنان وهمس : قم يا وغد، تحسب نفسك واحد من الضيوف؟
وقفت كنان بادلته بنفي النبره: ماني بأصغر عيالك! وما قمت عشانك لعلمك بس، لزوم ابيض وجه الوالد
دفها أويس برجله بخفه : أقول مناك بسرعه، خذ الفناجيل والدله
كانت أنظاره عليها فكل حركه حتى هو ما يدري وش السبب!
مرت بالفناجيل عالضيوف ألين وصلت عنده ومدت له الفنجال : تفضل
أبتسم ونطق وهو ياخذ الفنجال منها : الله يسلمك، انت كِنان ما غيرك؟
رفعت عينها عليه ببرود : الله الله
صدت عنه وكملت تصب للضيوف مو مهتمه لسؤاله لها واكتفت بإجابتها القصيره، لف على اخويها ونطق بإعجاب : شفتوه يا عيال؟ قلت لكم في شي لفتني فيه! شلون ما ركزت عليه من زمان!
رفع أيهم حاجبه بتعجب وعيونه على كنان الي قفت من جنبهم: أيه يا سبحان الله، ولا مره شفت ولد بعيونه هذي
ليث كالعاده ضايع مو فاهم شي: يا عيال وش فيها عيونه ما ركزت
رد فيصل وعيونه على كنان : عيونه زرقاء يا ولد كأنها سماء ربك الصافيه يالله سبحانك !
كملت وجلست جنب خليل وهمست: عمي اليوم تفلت على أويس وكان بجلده بالعقال لأنه ربطك على الحمار أمس
لف عليها خليل بقلة حيله : والله أن صوتي أنبح وانا أقنعهم أنه مزح واني قبل ذا بعت سلاحه بالدس وهو ردها لي وسوا الي سوا، بس وأمي الله يصلحها
تنهدت كنان: الله يصلحهم اجمعين، تدري عمي ما عنده تفاهم بيجلدك وانت تصلي لو درا أنك غلطان
تنهدت وقامن من جنبهم ولفت عليهم : أنا بروح عند آسر إذا طلبني أبوي نادوني
...
في بيت ثنيان لمت أم محمد بيدها سعف النخل وبدأت وتلفهم وتبرمهم : الحين من جدتس خليتيها تروح مع أبوها المجلس بين الرجال ؟
قوست شفتها ويدينها فالماي تنقع السعف عشان يلين : وش أسوي! لو أحتسي أبوها وأقول خلها تقعد فالبيت بيسألني وش السبب! وانا ما ادري وش اقول عاد الله يحفظها بحفظه
تأففت أم محمد ونزلت المغزل على فخذها : كان طلعتي أي عذر وجلستيها معتس هنا، البنت رهيفه وهزيله واخاف يرمونها بكلام منا ولا منا أو احد يشك فيها
رفعت راسها بثقه وهزته بنفي: محد بيشك لو انها عود ، حكمة ربي يوم انه خلى أخوها يعيش كم يوم عشان ما يشك فيها أبوها
رفعت أم محمد المغزل مره ثانيه : لا يكون ناويه تعيشينها هالعيشه طول العمر!!
وفعت ريم حاجبها: أعوذبالله فال الله ولا فالتس يا عمه! لا إن شاء الله ربي يفرجها ويعوضنا
~~~~
فديوان الشيخ رعد وتحديدا في حوش البيت قربت من ديوان الرجال وهمست: وينه ما أشوفه يا بنت
ضيقت دلال وعيونها تدور بين الرجال الجالسين : مدري والله كان جالس بجنب خليل ويسولف له
تأففت ملاذ : من اليوم مختفي هالولد
ضربت كتف ملاذ بخفه وابتسمت : وراتس مستعجله عليه، بتشوفينه الين تنفقع كبدتس
ملاذ بخجل : من قال لتس هالحتسي؟ لا مو صحيح
دلال : أقول بلا هرج، أمتس غثتنا الديره كلها تدري انتس لكنان وكنان لتس
دفتها ملاذ بخفه ومشت بخجل راجعه للبيت: اسكتي الي يسمعتس يحسب أنتس صدزهه " حاوطت يدها على ذراع دلال" امشي قبل ما تجينا يقين وتفضحنا
...
همست وهي تمسح على رأس الخيل الأسود الواقف جنب خيلها: يا حليلك كأنك ظل آسر
تقدم لها آسر وبدأ يلف رقبته عليها قالت وسط ضحكتها وكأنه يشرح لها غيرته: لايكون غيران منه! لا تخاف انت الأول دايم بقلبي
فزت من مكانها على الصوت الي طلع من وراها ولفت بسرعه وحتدت عيونها وبخوف: من هنا!
قرب منها وبانت ملامحه مع الفانوس المعلق على الجدار: معليش اعتذر! خوفتك؟ " التفت على خيله واردف" بس جيت اتطمن على فرسي وشفتك معه
أشرت بأصبعها على الفرس : هذا؟
ابتسم ومسك باللجامها: ايه أسمها أدهم وانا فيصل بن تميم تذكرني صح؟ "قرب من فرسه بأبتسامه واردف بإستغراب" كبرت أنا وياه سويه ما يحب أحد يلمسه " لف عليها" مدري شلون سمح لك تلمسه
أبتسمت بثقه : الخيل يعرف خياله عشان كذا ما حس أني غريب
فيصل: صح لسانك " مد يده على خيلها " سمعتك تقول أن أدهم ظل لآسر " رجع انظاره لها" عن الغلط يوم انك تقول كذا عنها!
ارتبكت من نظراتها لها بدون حياء، وطبعا دام انه ما يدري انها بنت! لفت انظارها لأسر ونطقت بربكه واضحه على صوتها: لا ما اقصد، بس تدري كل شي له ظل والي ماله ظل ماله وجود وكنت اقصد بكلامي أنهم مكملين لبعض لا تفهمني غلط!
رفع راسه مع الضحكه ولف عليها : أقرب عذر! لكن معليه معذور بعتبرها مدحه
تقدم أويس مسرع وحاوط يده على رقبة كنان : لي ساعه أناديك يا وغد! أبوك يزهمك
نطقت بحده وهي تحاول تفك ذراعه عن رقبتها: أبعد عني يا ولد كم مره اقول لك لا تلمسني!
لف على فيصل وأبتسم: كملوا حتسيكم بعدين
~~~~~
في بيت أبو فيصل، حاوطت غزلان كف ليال بكفها تحاول تجلسها: تكفين لا تروحون تونا جلسنا! والرجال أكيد بيتأخرون بديرة الشيخ رعد!
قوست ليال شفايفها وميلت راسها بحيرة: والله أن ودي اجلس معكمن انتي والعنود، بس تدرين أبوي لو يرجع من هناك وانا مو فالبيت بيزعل!
غزلان وهي تأشر على الحوش : شوفي الدنيا شلون والمطر جاي " تغيرت نبرة صوتها وكأن فكره جديده اكسحتها " نامي عندنا وإذا جا وسأل عنتس الصبح نقول له أنتس جيتي تاخذين شي وترجعين بس المطر نزل ولا قدرتي ترجعين البيت!
جلست ليال: بجلس لكن إذا وقف المطر برجع البيت!
توسعت ابتسامت البنات بأنتصار ودخلوا بعد ما غيروا فكرت ليال والي من حسن حظها انها ما رجعت بيتها فهاليوم
...
في مجلس الرجال عند الشيخ رعد
أشر بكفه عليها وهي داخله عليهم بفروتها الشتويه : هذا ولدي كنان الي كنت أهرج لكم عنه ما عندي إلا الله وهو
قربت منهم ومدت يدها تسلم : حياكم الله انورتوا وأسفرتوا ديارنا
تميم : أبد رجال الله يحفظه، زين انه يعرف سلوم الرجال مع انه محبوس في بيته
ابتسم ثنيان: أمه عاد وش نسوي! تخاف عليه من النسمه لأنه وحيدها
دخل عليهم الشيخ رعد ورفع يده اليمين : أنتم عندي يا رجال معززين ومكرمين الدنيا ظلمت والمطر نزل واشتد، ولاني قادر أخليكم ترجعون ديرتكم بذا الجو
وقف الشيخ حمد : كريم ووافي لكـ..
قاطعه الشيخ رعد : طلبتك لا تقول أعذار " حط كفه على كتفه واردف" قل تم ولا تردني
انحرج الشيخ حمد ولا قدر يرد على الشيخ رعد، لكن قلب له وهمس: بنيتي وحدها تركتها فبيت ابو فيصل!
قرب تميم منه ونطق بنس نبرته: بنتك يا حمد بالحفظ والصون دام انها عند خالتها مع بناتي!
ماكان لحمد إلا انه يستسلم لهم ويرضى للأمر الواقع..
عند كنان الي دخلت البيت وملابسها مبلوله من المطر : يمه وينها مفارش الضيوف ؟
طلعت ريم من الغرفه المقابله لها وقربت منها : ليه مشيت تحت المطر ؟ وليه تدور عالمفارش!
تنفظ ثوبها ونزلت غترتها عن شعرها الي انساب على جبهتها بخفه: ضيوف عمي بينامون عندنا فالديره لأنها امطرت، وقالوا نجمع المفارش لبيت عمي رعد
فتحت خزانة الملابس الحديديه : الله يكون بعونهم أجل خذهم " مدت المفارش " لكن تنام عندي هنا فالبيت مو عند عمك وعشان تغير ثوبك وما يلفحك البرد
عقدت حواجبها ونطقت بعدم رضى: وشوله يمه بقعد مع أبوي!أخاف يعاتبني إن نمت هنا وغير عن ذا أنا وأويس والعيال ماسكين الضيافه مقدر اخليهم وأروح! " حاوطت كفها بكف أمها تحاول تطمنها" لا تخافي بنام بجنب أبوي
تنهدت بقلة حيله : مو خايفه عليك إلا منه
ابتسمت واكتفت انها تهز راسها بتفهم وتلبس غترتها وتثبتها على شعرها وتاخذ المفارش وتركض تحت المطر بسرعه قبل لا يبللهم المطر.
جلسو الشباب في الديوان وشبو الجمر يخففون من الجو البارد ويعيدون ايامهم القديمه، دخلت والفروه على كتوفها وومتلثمه بالغتره وقربت من الجمر ومدت كفوف يدها عشان تحس بالدفا، كانت ملابسها مبلوله من المطر والجو بارد وأطرافها النحيفه الي انصبغت بدمها من لفحة الصقيع الي جاها وهي تركض تحت المطر، مد أويس الي كان جالس قبلها عصاه قدام انظارهم على كنان يبعدها عن الجمر شوي: أبعد عن النار شوي يا وغد لا تحترق! هه وتدخل بين الجمر
نطقت بدون اهتمام وهي تبعد عصاه عنها: ملابسي غرقانه من المطر يوم جبت المفارش وحاس بالبرد
تقدم لها فيصل الي كان شايل فروته وحطها على كتوفها : خذ تدفى
وقفت بسرعه ونزلت فروته من على فروتها بدون لا تحس ومدته له بدون تردد: لا تسلم ما يحتاج، الحين بتجف مع النار " أشرت على فروتها واردفت بفخر" وفروتي ثقيله
رفع وليد راسه وثبت انظاره على كنان الواقفه قال فيصل: من الحين اقول لك حركات الوغدان يوم أنك تروح تنام جنب أبوك زي كل مره ما نبيها، صرت رجال اطلع من تحت يده شوي
توترت وبخجل وتلتفت له : لا! ما ارتاح إلا وانا جنب أبوي، ما تدري يمكن يطلب مني شي وانا موب جنبه
نطق ليث بأبتسامه : يا رجال ما درى عنك اقعد بس
دخل عليهم خليل وكم واحد من الشباب ومعهم صحون العشا : تفضلو يا رجال جعله صحه وهنا لا تستحون البيت بيتكم
رفع فصيل حاجبه: ليه كلفتو على نفسكم الله يكثر خيركم
قام اويس ويدينه داخل جيوبه من البرد: يارجال مافيها كلافه، الشياب تعشو وخلصوا باقي أنتو
رفع أيهم نبرت صوته : ودي نجلس بعدها جلسه حول النار منها نرجع لذكرياتنا زمان ونسمع الشعر من بعض كالعاده
تحمس خليل: ايه والله صادق حنيت
...
قعدت (مزنه) أم فيصل ومدت للبنات الشاي : حي الله من جانا
ليال بخجل : الله يحييتس يا خاله أحرجتني انتي والبنات
حطت العنود يدها على فخذها : أقول لا يكثر بس ما بيننا هالحتسي! انتي منا وفينا تراتس بنت الخاله مو وحده غريبه!!
ضحكت غزلان واخذت كاس الشاي ومدته : خذي، تو بدت السهره مع هالمطر والبرد وهالشاي حلى قعده
تسندت مزنه على ركبتها وقامت : انا بخليكن الحين وبدخل أرتاح، وإذا نمت لحد يصحيني، جاني واحد من عيال الحاره قال الرجال والشباب بينامون بديرة الشيخ رعد يعني خذو راحتكم
ابتسمت العنود ولفت على ليال: اخيرا بنفتك من العيال ونجلس مرتاحين شوي، كان ناقصنا ملاذ بنت خالتي الهنوف ويقين النتفه
ليال: ايه والله صادزه معليه احنا نكفي
...
تجمعو حول الجمر بعد العشا ودلة الشاي تطوف بينهم
مازن " ولد الشيخ حمد" : أكرمكم الله
نطق وليد من طرف الجلسه : كرامه سهيله يا ولد العم
توسعت ابتسامت أيهم بحماس : عيال، تذكرون بيت الشعر ذاك الي سويناه فوق الوادي ؟
اخذ أويس رشفه من كاسته : أيه، ذاك باقي مكانه بس من زمان ما رحناه يا ولد! أنشغلنا بحياتنا وما صرنا نقابلكم إلا بالمناسبات اكيد يبيله ترميم وتسذا
التفتت كنان بفضول لوليد بهمس: يقصدون ذاك البيت المهجور فوق الوادي؟
رد عليها بنفس النبره: ايه نفسه، كنا نتجمع فيه كلنا هناك أيام كانت امك تخاف تطلع من البيت وما لحقت عليه انت.
نزل ليث كاس الشاي ولف الفروه عليه : اتحفنا يا فيصل بكم بيت من عندك حتى لو مسروقه أهم شي انك تتونسنا
تبسم فيصل بفخر: افا عليك ابشر! وما يصير خاطرك إلا طيب
ثبتوا أنظارهم عليه ومن بينهم كنان عشان يسمعون الأبيات الي بيقولها ، تنحنح وعدل جلسته :
ولا أنت غيمٍ ف السما، ولاني الميّت ظما
قلبك إذا ماضمّني غيره قلوب تضمّني
بفارقك وأنا ابتسم ماشلت همّك، طالما
ماهمّك ف يوم اللقا، ليه الفراق يهمّني
الكل منا له طريق و ليل ونجوم وسما
بكره تلومك دمعتك و أنا الحياه تلمني
خلاص ما ابغى اصادفك ، ابعد عن حدود الحما
إلى متى و أنا أمدحك و الناس فيك تذمّني
تبسموا الشباب وصفقو بحراره لفيصل ألي دايم يبهرهم ببيوت الشعر الي يطرحها لهم كل ما تجمعوا! كانوا في غُب حماسهم جاهلين عن نظراته المثبته على كِنان الاهيه مع ستكانة الشاي الي بين يديها تحاول تدفى من دفاها، كان مستلطف كل حركه تطلع منها وكأنه يتأمل حركات طفل لأول مره ينجز شي! ونط من بينهم أويس بحماس : أنا عندي بيتين بقولها عجبكم أو ما عجبكم هذا الموجود
ضربه أيهم على ظهره بخفه : أسلم
تنحنح ونطق وهو يحرك عصاه يمين ويسار مع كل طبقات صوته:
شربت الشاهي عسى فكري يزين
واحتارات أفكاري والشاهي برد
ضحكو الشباب وكل واحد بدأ يرد عالثاني بأبيات مكمله للبيتين حق أويس، التفت مازن على كنان وابتسم : وانت سمعنا شي منك من أول أشوفك هادي
نطقت بخجل : لا مالي بالشعر والله بس أحب أسمعه
ليث : لا تستحي وعطنا منك بيت واحد أهم شي نسمع صوتك
نزلت راسها بخجل تحاول تتذكر شي أهم شي تطلع نفسها من الموقف هذا، ابتسمت اول ما طرى لها بيت ورفعت راسها : يقول الشاعر
ماني من الي يلحق الطير لا طار
من راح عني ما يلحقه غير ظله
عطشان وإن شفت ماء الأرض عفيت
متعود أشرب من مزون السحابه
ضرب وليد كتفها بكفه : أسلـــمم جعل هالحتسي ما ينقطع
ضحك أيهم بخفه : كفو ما تستاهل إلا الرفيع
كملوا سهرتهم ولازال فيصل يلتفت لها على اتفه حركه تصدر منها بغرابه! ماكان أهتمام كثر ماهو فضول وأنجذاب غريب أول مره يحس فيه! وده يكون حوله ويسمع له ويجلس بجنبه! وبين ضحك ومزوح وسرى الليل عليهم
..
عصبت ملاذ وسحبت علبة الخياطه من يد يقين وبعصبيه : كم مره قلت لتس ما تمسكينها! ارجع أدورها وراتس ألين أدوخ!
ردت عليها بنفس النبره : من كتبها بأسمتس؟ وشوله تخبيهن وغيرتس يحتاجها!
ملاذ : مو مشكلتي، جابتها لي عمتي ريم
يقين وسعت عيونها : تستهبلين؟ أطرز بعود الحطب مثلا ولا بسيف أبوتس؟
دخلت الهنوف بعصبيه موسعه عيونها بسبب أصواتهم المرتفعه : سلامات اصواتكن للشارع
يقين تتمسكن : شوفي بنتتس ما تخليني اطرز وتقول العلبه حقها لوحدها!
قربت منهم وسحبت العلبه من يد ملاذ ونطقت وظهرها لهم طالعه من الغرفه : لا لتس ولا لها، كل وحده على مفرشها
لفت ملاذ بحده على يقين وتلفتت حولها ورفعت نعالها ولحقتها بالنعال " وانتو بكرامه"
أنت تقرأ
" كنّك وطن لا غبت عنّك تغربت"
Romance⭕ مختومه في طور التعديل⭕ في حقبه زمنيه قديمه وفي شمال السعودية عام ١٩٧٠ إلى عام ۱۹۸۹ تحديداً، وقت البساطه والتواضع والروح الخفيفه، الوقت الي كان الراديو انيسهم والفانوس نورهم في لياليهم وخيولهم وحميرهم هي وسائل تنقلهم تجمع بين أب ظالم وهمجي يتكلم...