5-بِسكوتة العبد

1.6K 85 19
                                        


كلما استرقنا النظر لما حولنا، زهدنا في دنيانا، فوالله ما هي بدائمة، وما أنت بباقٍ. كلها أيام، وربما أشهر أو سنين، من يدري؟ ولكن كلٌّ له يوم. فتُب إلى الله، عسى الملتقى قريب، تُب حتى تنال شرف النظر إلى وجهه الكريم. لعل ما تريده قادم، لكنه يتطلب منك توبة صادقة، فأسأل الله لي ولكم توبة نصوحًا.
#ذِكرَىٰ
«الدنيا يومٌ لك وعشرة عليك»

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحيانًا لا نحتاج إلى حكاية جديدة بقدر ما نحتاج إلى وقفة مع قلوبنا، لنرى أين نحن من الله، ومن أنفسنا، ومن الناس الذين يعبُرون أيامنا. تلك اللحظات التي يبدو فيها العالم مزدحمًا، بينما بداخلنا فراغٌ لا يملؤه سوى التوبة والرضا.
وهكذا تبدأ الحكاية... حيث تتشابك الطرق بين من تاب قلبه، ومن تمرد عليه، بين الماضي الذي يأبى الرحيل، والحاضر الذي يفرض نفسه بصخبٍ لا يرحم.
#ذكرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"من إمتى وإنتَ كدا يا ظافر؟ مش هنكر بجاحتك وطريقتك المندفعة، بس دا ما يصحش، أنا لو كنت موجود ساعتها كنت ضربتك قلمين فوقتك."

زمجر ظافر بغضب، عيناه تتقدان شررًا، ونبرته حادة كمن يُكتم بداخله بركانًا:
"أنا مش عارف إيه اللي هببته دا، بس أنا أصلًا كنت ناوي أتقدملها، لكن مش بالطريقة الغريبة دي. مش هقولك حبيتها والكلام العبيط دا، بس شدّني هدوءها. حاسس إن دي اللي محتاجها ترتّبلي الكركبة اللي في حياتي."

تحدث سعد بهدوء، نبرته تحمل حذرًا وكأنه يحاول تهدئة حيوان جريح:
"ربنا يقدملك اللي فيه الخير، بس حِد شوية عشان الحاج ميستعوقنيش."

تساءل محمد بعدم فهم، حاجباه مرفوعان وعيناه مليئتان بالدهشة:
"يعني إيه حِد؟"

أجابه سعد بابتسامة جانبية، كمن يُدرّس لطفل صغير:
"يعني شد أو امشي بسرعة، زي ما بنقول في العربي الكلمة ليها كذا معنى، وانا هنا قصدي امشي بسرعة."

ضحك محمد بسخرية خفيفة، مشدود الملامح:
"آه فهمت، شكلك من بلد فلاحين أو كده، ومش قصدي فلاح اللي هي إهانة، قصدي عشان اللهجة."

رد عليه سعد بابتسامة متحدية وهو يضع يده على صدره بثقة:
"لا يا عم، أنا من الصعيد وكمان من سوهاج، فخاف على روحك عشان مطخكش عيارين يفرفروا جتتك."

قهقه ظافر وهو يدفعهما للأمام، بعينين مليئتين بالدهاء:
"طيب امشي انتَ وهو كده عشان نخلص حوارك، وانت تعالى معانا بقى عشان اللي جاي دمار شامل."

هتف محمد بحماس طفولي، رغم أنه لم يفهم شيئًا:
"أيوه بقى يا شِق!"

ضحك الثلاثة، لكن في داخل كلٍّ منهم غليان مختلف... ظافر يخفي اضطرابه، سعد يراقب بعقلانية، ومحمد يركض خلف الحكاية دون أن يدرك عمقها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"انتِ طبعًا مش موافقة على اللي بيقولوه، صح؟"

الغَوغَائى والمُثَقفة! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن